"سامحيني أيّتها الحروب البعيدة
لأنني أحملُ الورودَ إلى البيت"
تقول فيسوافا شيمبورسكا
سامحينا أيّتها الحروب البعيدة
لأننا أحياء
لأن السماء صافية
والشمس وحدَها
ما يلسعُ جلدنا
سامحينا
لأن الهواء ليس محمّلاً بالرصاص
والشوارع نظيفة ولامعة
تعملُ فيها إشارات السير بلا خطأ طيلة النهار
سامحينا
لأن الأطفال في المدارس وفي الحدائق
ولأن النهر في المدينة يجري بهدوء
والبيوت في أماكنها
جامدة
كما ينبغي لها أن تكون
والناس يتبادلون أحاديث سخيفة في المقاهي
ويفكّرون بمشاريع عطلهم القادمة
بلا خوف يُذكَر
سامحينا
لأن ثمّة موسيقى
وضحكات
وطيور
وأمل
سامحينا
فرائحة الموت بعيدة
والعدل يُطحَن في قبضات الطغاة
والناس يصدّقون الحكايات التي يهمسها الأشرار في آذانهم لكي يتمكنوا من النوم في المساء
سامحينا
لأننا نجرُّ عجزنا خلفنا
ككلب عجوز
ونشعر بضآلتنا
في هذا الحفل الكبير
سامحينا
كلّنا أمواتٌ
أيتها الحروب
القريبة
القريبة.
* شاعرة لبنانية مُقيمة في فرنسا