هيف كهرمان.. متاهة من حبال عصبية

03 فبراير 2022
(مقطع من عمل لـ هيف كهرمان)
+ الخط -

تعالج الفنانة العراقية، المقيمة في السويد، هيف كهرمان قضايا سياسية واجتماعية تشكّل هاجساً لدى العراقيين، وفي مقدّمتها النازحون بسبب الحروب والاضطرابات الأمنية التي شهدتها بلادها، وتسبّبت في لجوء ما يقارب خمسة ملايين، في عملها الذي يتكوّن من سلسلة من الأجساد المتراقصة في تعبير عن عدم الاستقرار وتشوّهات الذات.

عاشت الفنانة طفولتها في العراق أثناء الحرب مع غيران خلال الثمانينيات، وبعد هجرة عائلتها إلى أوروبا درست التصميم الغرافيكي في "أكاديمية الفنون والتصميم" في مدينة فلورنسا الإيطالية حيث تخرّجت منها عام 2005، ثم أكملت دراستها في تصميم المواقع الشبكية في "جامعة أوميا" السويدية.

يُفتتح عند العاشرة من صباح الجمعة، الخامس والعشرين من الشهر الجاري، في فضاء "موزاييك رومز" بلندن معرضها الجديد تحت عنوان "المشاعر المعوية" والذي يتواصل حتى التاسع والعشرين من الشهر المقبل، ويضمّ رسومات وأعمالا بوسائط متعدّدة تستكشف آثار الصدمات في الجسم وللتحقق من منهجيات العلاج الجسدي والرعاية.

الصورة
(من المعرض)
(من المعرض)

تشكّل كهرمان قناة هضمية بوصفها مجازاً مادياً لمفاهيم الصدمة والتجديد، كما تظهر الحبال الملتوية والمعقدة التي تشبه الأمعاء حيث تبتلع الشخصيات الأنثوية، وتذكّر هذه المتاهات الشديدة الترابط بالمرسلات العصبية، وترسمها في هندستها المتوالية على ألواح الكتان والورق وعلى قماش الكتان المصنوع يدوياً.

تبدأ كهرمان في تفكيك الكتان الذي ترسم عليه، في محاولة لفهم كيف تحصد البكتيريا في التربة ألياف الكتان قبل نسجها وغزلها لتصبح كتاناً، وتقدم هذه الأعمال نظرة حول كيفية البحث التي تتبّعت فيه عمل الحبال العصبية.

أثناء ترتيبها متعلقات تخصّ والدتها، عثرت الفنان على كتاب حول إعادة إنشاء ممرات أعصاب جديدة في الدماغ، ما يعني قدرة الإنسان على التخلّص مما تعلّمه وإعادة التعلم من جديد، لبدء تخيلها عن معنى ذلك بالنسبة إلى اللاجئ العراقي الذي فرّ من الحرب وعلاقته بالصدمة التي تتشكّل لديه في أماكن اللجوء حيث يصبح ألم الذاكرة واسترجاع الماضي متلازماً عنده مع الأمان الذي يحصل عليه كمكافأة وتصاغ هويته من جديد. 

يُذكر أن كهرمان قدّمت تجارب سابقة تتعلّق بالنقوش والأشياء التي يحملها المهاجر معه من بلاده في لجوئه، ومنها "المهفة"، تلك المروحة الصيفية المصنوعة من سعف النخيل والتي كانت النساء العراقيات تستخدمها خلال أيام الصيف، حيث تذكّر الزخارف الهندسية التي تصمّم على سطح المهفّة بثقافة وحضارة تتفاعل في الوقت نفسه مع ثقافات أخرى.
 

المساهمون