استمع إلى الملخص
- يكشف عن علاقته بالقراءة والنشر، معتبرًا الكتابة جلسة علاجية ويشدد على أهمية حماية الكتب وتسهيل تداولها في العالم العربي كسلعة معفاة من الرسوم والرقابة لتعزيز الثقافة.
- يفضل النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويناقش التحديات التي تواجه الشعر والثقافة العربية، معبرًا عن أمله في استعادة مكانة الشعر العربي في الحياة اليومية والثقافة العامة.
تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته ولا سيما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته. "أن يستعيد الشِّعر مساحته الكاملة في حياة الناس"، يقول الشاعر والكاتب السعودي لـ"العربي الجديد".
■ ما الهاجس الذي يشغلكَ هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟
- كنّا نظنّ أنّ العالم قد تجاوز منطق العنف، وأنّ هناك حلولاً ممكنة للمسألة الفلسطينية. الآن يبدو لنا أنّ موقف مفكّر مثل إدوارد سعيد من صفقة السلام غدا مفهوماً تماماً. غزّة وآلامها وما يحدث فيها الآن يمكن وضعُه في سياقه التاريخي للحملات الصليبية، وكنّا اعتقدنا أنّ الدّين أصبح في حيّز الفردي والشخصي. الشيء الذي يمكن أن يُشكّل إضافةً شنيعة لتاريخ الحروب هو حجمُ القتل وأهداف الحروب التي تأخذ على عاتقها محو سجلّ المحرّمات الإنسانيّة في الحروب، بل أيضاً خلق أهداف كانت في كلّ التاريخ أهدافاً محرَّمة؛ أوّلها قتلُ الأطفال والمدنيّين والنساء.
■ من هو قارئك؟ وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟
- لا أعرف، ولا أملك إحصاءات أو تصوّرات. في الحقيقة، ليست لديّ طبيعة مُحبّة للظهور والشهرة، ودائماً أُردّد أنّ الكتابة هي جلسات علاج خاصّة، وأنا أستمتع بذلك. لا أخفيك أنّني عندما أُنجز نصّاً أشعر بتلك المتعة التي يجدها شخصٌ يعود من حمّام شمسي، ما يحدث بعد ذلك لا يهمّني كثيراً.
الشعوب العربية، على الرغم من كلّ شيء، تقرأ، وصناعة الكتاب تحتاج إلى حماية لمرور الكِتاب عبر البلدان العربية واعتباره سلعة أساسية تحظى بالامتياز الذي توفّره الدول للمنتَجات الحّرة والمعفاة من الرسوم والرقابة. من جانب آخر.
عزلتي تحُدّ من حركتي في النشر كما في الظهور
■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلم به لشعرك؟
- صدر كتابي الأوّل في بيروت عن "دار الجديد"، وكانت تجربة لطيفة. علاقاتي مع دور النشر لم تكن يوماً مباشرة، بل كانت تتمّ دوماً عبر وسطاء وأصدقاء رائعين يقومون بهذه المبادرات.
■ كيف تنظر إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟
- المنصّات التقليدية والصحف أو المجلّات تحتاج إلى أن يكون الكاتب أو المثقّف صاحب دربة في العلاقات العامّة، وهذا ما لا أُتقنه. أنا صاحب طريقة في العزلة تحُدّ من حركتي في النشر كما في الظهور.
■ هل تنشر شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترى تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟
- عادةً ما أُقدّم نصوصي من خلال المواقع، وتحديداً صفحتي الشخصية في فيسبوك. هناك شيء من الوعي في التعامُل مع وسائل التواصل، فهي أساساً أحد منتجات السوق الرأسمالية، وأرى أنّ هناك من نجحوا في تقديم محتوى ثقافي و"شعري". ما أسلفناه يمكن أن يُمثّل منتجاً قابلاً للاستثمار. أمّا لو أردنا القيمة الفنّية أو الحصيلة الثقافية فيحتاج رصدها إلى أن نعي أنّ هذه الحالة أصبحت تحتكم إلى قيمة شعبية أكثر من التزاماتها الفنّية والأدبية. هناك طفرات في الكتابة قد تبدو لنا غير مهمّة، لكنّ من يملك الآن القوّة والشجاعة لقول ذلك؟ وحده الزمن هو الذي سيُقرّر.
■ من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟
- من يهتمّ بالفنّ عموماً هو الذي يقرأ الشعر. عشّاق الموسيقى والسينما والشباب والمراهقون الذين يبحثون عن التجربة، هؤلاء كلّهم يقرأون الشعر.
■ هل توافق على أن الشعر المترجم من اللغات الأُخرى هو اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي، ولماذا؟
- المقولة نفسها يمكننا قولها عن الرواية والسينما والمسرح والفكر. المسألة لا يمكن جعلها في إطار عربي أو غير عربي، فالتجربة الفنّية، والشعر في صلبها، عموماً، نتاج إنساني. ما يتعلّق بالإنتاج العربي عموماً في الزراعة أو الصناعة ينطبق على الأدب أيضاً. ليس هناك فقر إنساني وشِعري، هناك عجز في إدارة هذه المنتجات وتظهيرها ومواكبتها.
■ ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية وما هي نقاط ضعفه؟
- لا أدري. يخطر لي أحياناً أنّها اللغة. وفي الأُخرى طبيعة الحياة العربية التي تُشكّل فارقاً وجدانياً كبيراً.
■ شاعر عربي تعتقد أنّ من المهم استعادته الآن؟
- ليس هناك اسم محدّد. أتمنّى أن يُستعاد الوجدان العربي شعرياً، فالحداثة الشعرية عموماً تأسّست على مقولات عدائية واستشراقية من الواقع العربي، وعندما أتأمّلها الآن، أجدها في غاية التسطيح والادّعاء.
■ ما الذي تتمنّاه للشعر العربي؟
- أن يستعيد مساحته الكاملة في حياة الناس وثقافتهم ويومياتهم. وجود بيت شعر أو سطر شعري على عنق أو ذراع فتاة، أو فقرة شعرية على حائط في وسط المدينة، أو على زجاج سيارة نقل عمومية، أو على مخدّة سيّدة، سيكون شيئاً من أنسنة الشعر. ربما هذا قد يقي الشعر من الكارثة.
بطاقة
شاعر وكاتب سعودي من مواليد الطائف عام 1967. يعمل في مجال التدريس. من أعماله الشعرية: "نقفُ ملطّخين بصحراء" (1996)، و"على طريقة لوركا" (2010)، و"تبسيط شعري لحياة تُستعمل لمرّة واحدة" (2012)، و"وجدنا كلّ شيء وصل قبلنا" (2016)، و"الأشياء التي نفعلُها باليد الواحدة" (2018).