"مِنَ الأَعماقِ صَرَخْتُ إِلَيْكَ يَا رَبُّ"
أَمّا أَنا فلم تبقَ عندي أَعماقٌ لأَصرخَ منها
يا رب أَعِد إِليّ صرختي
لم تكن لي
لها أَصحابٌ وسيسأَلونني عنها.
لم يعد عندي أَعماقٌ أُناديك مِنْ ورائها
جُدُرٌ وراءَ جُدُرٍ وراءَ جُدُر
اللقاء يُلَوِّحُ بمنديل الفِراق
وجهٌ تعتصره الظُّلمةُ
وظُلمُكِ كبيرٌ أَيتها الأعماق
جُدُرٌ وراءَ جُدُرٍ وراءَ جُدُر
الفِراق يلوِّح بمنديل اللقاء
جُدُرٌ وُجوهٌ
لا تهبطُ إليها الصَّرخةُ
ولا تَصْعَدُ إليها الأَعماق.
■ ■ ■
كنتُ أَقودُ بنفسي جنازتي
طُفتُ أَصقاعَ هذه الأَرض
المُقدسةِ، المُدنَّسةِ
الطافيةِ على جُرحها
استغرق الأَمرُ ساعاتٍ وربما سنواتٍ وأَنا أَطوف
وصلتُ القدس قبيل الغروب
صعدتُ التلّةَ ولم ينتبه لي المُشيِّعون
راقبت الحفّارين وهم يُنزلون النعش
وفي طريق العودة كافأتُ أَحدهم...
وما كان مؤسياً بدا هيّناً
وما كان هيّناً راح يُمزِّق القلب بسكّين مثلومة
قلتُ للربّ إلهي
ها قد قُضِيَ كلّ شيءٍ
قال لا، ستطوف كثيراً قبل أَن تستريح.