تعدّد مجالات اهتمام أستاذ الهندسة الإنشائية والباحث المصري ميلاد حنا (1924 - 2012)، حيث انخرط في العمل السياسي، وكان أحد أبرز المعارضين لسياسات الرئيس السادات، كما وضع العديد من المؤلّفات التي تراوحت بين تسجيله الأحداث التي عاشها، ومناقشته قضايا اجتماعية وسياسية.
إلى جانب كتبه "أريد مسكنًا" (1978)، و"نعم أقباط لكن مصريون" (1980)، و"ذكريات سبتمبرية" (1987)، و"قبول الآخر" (1998)، ألف كتابه الأبرز "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" (2004) الذي أعيد نشره في طبعات عدّة.
يستضيف "بيت المعمار المصري" في القاهرة عند السادسة من مساء الاثنين المقبل، أستاذ العمارة والباحث إبراهيم المدني، لمناقشة كتاب حنا الأخير، والوقوف على الانتماءات المصرية الجمعية والفردية منذ آلاف السنين وحتى اليوم.
يشتمل الكتاب على ثمانية فصول؛ يستعرض خلالها فكرة الأعمدة السبعة المؤثرة في تكوين الشخصية المصرية؛ حيث هناك ثلاثة أعمدة مرتبطة بالجغرافية، وهي الانتماء العربي والإفريقي وبدول البحر المتوسط، ثم هناك أربعة أعمدة أخرى مرتبطة بالتاريخ المصري، وهذه الأعمدة هي الانتماء الفرعوني ثم اليوناني والروماني معًا ثم القبطي ثم الإسلامي، وتوجد هذه التركيبة داخل كل مصري عادة، ولكنها ليست أعمدة متساوية؛ حيث يختلف كل عمود من إنسان لآخر، بل من زمن لآخر.
ويرى حنا أن مصر تعتمد على رقائق حضارية عدة مختلفة ومتصلة ومتطورة، ولذلك نجد أنها قد غيرت لغتها وديانتها أكثر من مرة عبر تاريخها، فكانت اللغة الهيروغليفية برموزها المشهورة ثم تحولت إلى أبجدية، ومع دخول الإسكندر دخلت مصر مرحلة جديدة ارتبطت فيها باليونان والرومان، وكانت اللغة اليونانية قد فرضت نفسها لتكون لغة الدولة، وتحول المصريون تدريجيًّا إلى اللغة القبطية التي تأثرت بكثير من ألفاظ اللغة اليونانية، وأخيرًا تحولت مصر إلى اللغة العربية مع الإسلام، ويعتبر انتماء مصر العربي قدرًا ومصيرًا؛ لأن مصر بدون العرب تتحول إلى دولة من الدرجة الثالثة أو الرابعة.
يتحدث الفصل الأول عن "مصر رقائق الحضارات"، والثاني "لن تتلبنن مصر"، أما الفصل الثالث الذي عنون بـ"الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" فقسّم إلى (العامود الفرعوني، والعامود اليوناني - الروماني، والعامود القبطي، والعامود الإسلامي)، ثم يأتي الفصل الرابع الذي عنون بـ"انتماءات حسب المكان"، وفيه يتحدث عن (العامود العربي، والعامود البحر أوسطي، والعامود الإفريقي)، ثم تتحدث الفصول الأربعة التالية عن "نظريات حول الانتماء"، و"مخاطر ضمور الخصوصية الثقافية القبطية"، و"سيمون بوليفار محور أمريكا اللاتينية"، و"جائزة سيمون بوليفار الدولية".