"مهرجان هاي كويريتارو".. نافذة على العالَم وقضاياه

07 سبتمبر 2024
الشاعر التشيلي راؤول زوريتا في المهرجان (دميان غارسيا)
+ الخط -
اظهر الملخص
- منذ عام 2016، تستضيف مدينة سانتياغو دي كويريتارو المكسيكية مهرجان "Hay Festival Querétaro" الذي يجمع شعراء وكتّاباً وموسيقيين وعلماء وناشطين من مختلف أنحاء العالم.
- في نسخته التاسعة، يستضيف المهرجان ضيوفاً من أكثر من 22 بلداً وينظم 48 لقاءً وحواراً وأمسية شعرية، مع افتتاح الكاتبة الفرنسية نيج سينو الفعاليات.
- يشمل المهرجان جلسات حوارية مع شعراء وكتّاب عالميين، ويبرز أهمية الأصوات الإبداعية العربية والعالمية، ويعكس تنوع الثقافات والقضايا الراهنة.

منذ 2016، تتحوّل مدينة سانتياغو دي كويريتارو المكسيكية، بداية من الأسبوع الأوّل من شهر أيلول/ سبتمبر، إلى نافذة مفتوحة على العالَم وقضاياه، في مزيجٍ من الموسيقى والشعر والفكر والنقاشات والحوارات والأمسيات الثقافية، حيث تصبح ساحات المدينة مسرحاً كبيراً مفتوحاً على الهواء الطلق، يستضيف شعراء وكتّاباً وموسيقيّين وتشكيليّين وعلماء وناشطين ومفكّرين من مختلف أنحاء العالم.

هذا العام، يجتمع ضيوف من أكثر من اثنين وعشرين بلداً في النسخة التاسعة من مهرجانHay Festival" Querétaro"، الذي تنظّمه مؤسّسة "Hay Festival Global" العالمية غير الربحيّة، والذي بدأت فعالياته الثقافية أول من أمس الخميس. 

على مدى أسبوع ينظّم المهرجان ثمانية وأربعين لقاءً وحواراً ونقاشاً وأمسيةً شعريةً وجلسة حوارية، في مسارح وحدائق وفضاءات المدينة القديمة، بمشاركة عددٍ من كتّاب العالم ومبدعيه في شتّى المجالات.

افتتحت الكاتبة الفرنسية المقيمة في المكسيك نيج سينو فعاليات المهرجان عبر لقاء مفتوح مع الجمهور وطلّاب جامعات المكسيك، تحدّثت فيه عن روايتها "النمر الحزين"، التي حقّقت انتشاراً كبيراً، وتتناول فيها جرائم الاعتداءات الجنسية ضدّ الأطفال. 

يناقش التحديات السياسية والثقافية والبيئية في عصرنا

وفي اليوم الثاني ازدادت حرارة النقاشات، وكانت موضوعات الحرب والفقر والسلام والنزاعات رئيسية فيها، ولعلّ أبرز الحضور في هذه الجلسات كان للحائزتين "جائزة نوبل للسلام" الأوكرانية أولكساندرا ماتفيتشوك  التي روت عمليات توثيق جرائم الحرب التي ارتكبتها روسيا في غزوها لأوكرانيا من وجهة نظرها وتجربتها، والناشطة الباكستانية ملالا يوسفزي المدافعة عن حقّ النساء في التعلم، والتي تعرّضت لرصاصة في رأسها من قبل "حركة طالبان" عام 2012. 

من أوكرانيا إلى تشيلي، وبحضور واحد من أبرز شعراء العالَم الناطقين باللغة الإسبانية، انطلقت جلسات اليوم الثالث مع الشاعر راؤول زوريتا، حيث حاوره رئيس تحرير جريدة "الباييس" في أميركا اللاتينية، الصحافي والكاتب مارتينيز آهرينيز. وكعادته، من يستمع لقصائد زوريتا، ولكلماته عامة، لا يستطيع إلّا أن يفكر في المذابح التي لا تنتهي في التاريخ، ولا يستطيع إلّا أن يسمع أصواتاً تدلّنا على الخراب والعنف والقلق والألم الحاضر دائماً في حياتنا؛ قصائده حوار دائم مع الموتى، حوارٌ مع المظلومين والمشرّدين والمدمّرين، حوار مع أصحاب الحقّ والأرض والتاريخ.

أمّا في يوم بعد غدٍ، فسيكون الحضور العربي وقضاياه المركزية، وعلى رأسها فلسطين وحرب الإبادة الجماعية، في ندوة مع الزميل الشاعر نجوان درويش، الذي تحاوره الكاتبة والناقدة الأدبية الإسبانية مارينا بيريثاغوا بوصفه "الصوت الشعري الأكثر تعبيراً عن ضحايا بلده" في عدوان الإبادة الذي تشنّه "إسرائيل" منذ السابع من أكتوبر، كما جاء في ملصق اللقاء. وسيتناول النقاش المجموعتين الشعريتين اللتين صدرتا للشاعر بالإسبانية مؤخّراً عن دار "باسو روتو"، وهما: "Exhausto en la Cruz" (تَعِبَ المعلَّقون)، و"Nada más que perder" (لم يعد لدينا ما نُضيِّعه). 

إن كانت الإحاطة بجلسات المهرجان وأمسياته ونقاشاته العديدة والمتنوّعة صعبة، وكان أصعب ذكر المشاركين كلّهم الذين  من بينهم الكاتب الفرنسي باتريك أوترو، والأرجنتينية ليلى غيرييرو، والشاعر المكسيكي لويس فيليبي فابري، والكاتبة الإسبانية سارة باكينيرو، إضافة إلى الكاتبة الزيمبابوية پيتينا جاپاه وغيرها الكثير، فإنّ الموضوعات التي يناقشها المهرجان الأدبي وانفتاحه على الثقافات والقضايا الراهنة تُبرز مدى جدّية هذا النوع من المهرجانات الأدبية، وضرورة حضور الأصوات الإبداعية العربية فيه دليلاً على أنّ العالم متنوّع وفيه إبداعات وأصوات تعبّر عن شعوبها وهمومها وقضاياها. 

يُذكر أنَّ مهرجان "Hay Festival Global"، الذي يحمل اسم المؤسّسة نفسها، تأسّس في مدينة صُنع الكتب الويلزية Hay-on-Wye، عام 1987. وبعد مرور سبعة وثلاثين عاماً، صار مهرجاناً عالمياً يقيم فعاليات ومشاريع حول العالم، وينظّم خمسة مهرجانات عالمية، بدءاً من مدينة كارتاخينا دي إندياس التاريخية في كولومبيا وإلى قلب المدن في البيرو (أريكيبا) والمكسيك (سانتياغو دي كويريتارو) وإسبانيا (شقوبية وإشبيلية) والولايات المتّحدة (دالاس) وبنما (العاصمة)، ويهدف إلى استقطاب الأصوات المتنوعة للتحدّث والمناقشة والإبداع والحوار حول التحديات السياسية والثقافية والاجتماعية والبيئية في عصرنا.

وقد عرف العالم العربي مهرجان الهاي فيستيفال في عام 2009 حين نَظّم "مهرجان بيروت 39" والذي قدّم قائمة بـ 39 كاتباً عربياً  تحت عمر التاسعة والثلاثين "لاكتشاف أفضل الكتّاب العرب دون الأربعين" في ما عرف وقتها بـ"جائزة بيروت 39"، وكان من بين الفائزين بها: ربيع جابر، وسمر يزبك، وعدنية شبلي، ونجوان درويش، ومحمد حسن علوان، وأحمد يماني، ومنصور الصويم، وهيام يارد، وهالة كوثراني، ونجوى بن شتوان، ويوسف رخا.
 

المساهمون