أوّل أمس، أُعلن في الجزائر عن تعديلٍ حكومي جرت، بموجبه، إقالة عددٍ قليل من الوزراء والإبقاء على أكثرهم؛ وكان من بين الباقين وزيرة الثقافة صورية مُولُوجي التي عُيّنت في المنصب قبل قرابة عام. يُشكّل ذلك استثناءً في السنوات الثلاث الأخيرة؛ فمنذ وصول عبد المجيد تبّون إلى الحُكم نهاية 2019، لم يمكث وزير ثقافة في منصبه لأكثر من سنة واحدة إلّا قليلاً: مليكة بن دودة (2020 - 2021)، ووفاء شعلال (2021 - 2022).
في اليوم نفسه، وقبل الإعلان عن التعديل، تداولت مواقع التواصُل الاجتماعي خبر تعيين مديرَين جديدين لمهرجاني "وهران للفيلم العربي" و"عنّابة للفيلم المتوسطي"؛ هُما الممثّل والمُخرج المسرحي عبد القادر جريو والصحافي محمّد علّال. وفُهم من التعيينات، التي لم تُعلن عنها وزارة الثقافة بشكل رسمي بعدُ، أنّ الوزارة تعتزم استئناف التظاهُرتَين اللتين توقّفتا في السنوات الأخيرة.
انطلق "مهرجان وهران" عام 2007، وتوقّف لدورة واحدة عام 2014، في فترة وزيرة الثقافة السابقة نادية لعبيدي، والتي عبّرت، حينها، عن رغبتها في تأجيله حتّى يتسنّى إعادة ترتيب أوراقه بما يُتيح إقامة "دورة كبيرة". لكنّ لعبيدي غادرت الوزارة قبل موعد الدورة الجديدة في 2015. عاد المهرجان في السنة التالية، قبل أن يتوقّف مُجدّداً عند دورته الحادية عشرة في 2018. وقد كان مفهوماً تأجيله في البداية، بسبب الحراك الشعبي في 2019، ثمّ بسبب دخول البلاد في موجات جائحة كورونا. لكن لم يكُن مفهوماً استمرار غيابه خلال العام الماضي الذي شهد عودة للحياة إلى طبيعتها، واحتضنت فيه مدينة وهران، غربَي الجزائر، الدورة التاسعة عشرة من "ألعاب البحر الأبيض المتوسّط" التي أُقيمت على هامشها مهرجانات وتظاهُرات ثقافية وفنّية عدة لم يكُن المهرجان من بينها.
لسنوات ظلّ المشهد السينمائي في الجزائر من دون مهرجانات بارزة
في 2019، أعلَنت وزارة الثقافة عن تعيين الصحافي أحمد بن صبّان مديراً للمهرجان، خلفاً للشاعر والصحافي إبراهيم صدّيقي. لكنّ بن صبّان سيُغادر منصبَه من دون تنظيم أيّة دورة، لأنّه لم يستلم مهامه أساساً، بينما يجدُ المدير الجديد، عبد القادر جريّو، نفسَه أمام تظاهُرة مثقلة بديون تُقدَّر بقرابة 350 ألف دولار أميركي، في حال قبوله تولّي المنصب الذي أثار الحديثُ عنه انتقاداتٍ واسعة على مواقع التواصُل الاجتماعي، وُجّهت إلى الفنّانَ الذي برز بمواقفه المُعارِضة للسلطة خلال الحَراك الشعبي.
أمّا "مهرجان عنّابة"، فعاد في 2016 بعد انقطاع استمرّ لأكثر من عشرين عاماً، لكنّه سيتوقّف في 2018 أيضاً. وفي 2019، أعلنت وزارة الثقافة عن تعيين المذيع المختصّ في السينما جمال الدين حازورلي مديراً له، خلفاً للمخرج سعيد ولد خليفة. لكنّ حازورلي أيضاً سيُغادر منصبه من دون تنظيم أيّة دورة.
وبغياب المهرجانين لأربع سنوات متتالية، ظلّ المشهدُ السينمائي في الجزائر من دون مهرجانات، إذا استثنينا التظاهرات الصغيرة التي تتوزّع بين مدن عدة؛ إذ توقّف "مهرجان الجزائر الدولي للسينما" في الجزائر العاصمة هو الآخر في 2020 و2021 (مؤخّراً جرى تعيين المُخرج مهدي بن عيسى مديراً له خلفاً لزهيرة ياحي)، و"أيام بجاية السينمائية"؛ التظاهُرة السينمائية المستقلّة الأبرز، في 2017.