من يُصدِّق الأكذوبة؟

13 ديسمبر 2023
آثار الدمار الذي خلّفه القصف الصهيوني في مدينة خانيونس (Getty)
+ الخط -

أشجارُ الزيتونِ ظلالٌ لحقولنا
والمحاجرُ أرضٌ محروقة
وجرحٌ مُزمنٌ في جدارٍ
والأعمى سيُرَدِّدُ حكايتَهُ للمرَّة الألفِ
رديئةً لا يبصِرُهَا إلا عميانُ 
تاريخِهِ الأسودِ
مَن يُصَدِّقُ أكذوبتَهُ
وهي ترقصُ على حبالِ الخديعةِ
منفوشَة الأوتارِ مهزومة الشِّعار
وهي ترقصُ على حبالِ الخديعة
ترسمُ نحيبَها على مدار الأزمنة
ما كان لكم أن تصدِّقوا الدُّموعَ
تُذْرَفُ على مقبرةٍ تنبعِثُ من الخطيئةِ
أسطورةً زائفةً.

واليومَ قد تعرَّى وجهُ المُرَابِي
يتباكى في المحافلِ حظَّه التَّعسَ
حزنَهُ المقيمَ في كتابِ القداسَةِ المُمكنة..
وصار النَّحيبُ وعداً بما لا يكونُ
ها يُشهِرُ المُتباكي في الظلام خنجرهُ
يسفكُ دمَ البراءةِ في كل حين
والسماءُ شاهدةٌ والقياثرُ تئنُّ
ونحنُ هنا، جدارٌ خلفَ جدارٍ
لا يصدُّنا عن الموتِ إلّا موتٌ آخرُ متواطئٌ
وشقيقٌ باعَ سلاحه للعدُوِّ
ومتاهة أنفاقٍ لن تضلّلنا عن الطريق
حين تجعلُ الحاضر بوتقة للآتي
وتُلقي في الهواء الآثم
قبسة من حدادكم اللاينتهي.

عراةً أمام الأضواء الكاشفة صِرْتُم
وعراةً ستظلّون 
تردّدون على أسماع العالم حكاية زائفة
من ذا الذي سيصدِّقُ أكذوبتكم؟
وحدهم العبيد سيصغون للأسطوانة مشروخة
سيسلمون رِقابَ خذلانهم
ويجرّون أذيال خنوعهم..

الأرضُ يانعةً سوفَ تحمي أشجارها
سوف تأوي رذاذ الموجِ الشاهقِ،
أجراسَ الكنائسِ ونداء المئذنة،
هذي الأرضُ تعرفُ أبناءها،
تعرفُ تاريخَ الغزاةِ
وتفاصيل الهزيمة وأمجاد الملحمة،
تعرف أسماء الفرسان وسلالات الأحصنة،
وتعرفُ أسماءكم وأسماء عبيدكم
واحداً واحداً 
فاجمعوا غبار أشلائكم الخرساء
وانقشعوا عن زرقة سمائنا،
وعن سماء إله جعلتموه عبداً لأساطيركم
وأضْجِرتموه بزيف أكذوبتكم المحزنة،
هنا أرضُ كنعان وأطيافُ شهدائها
ومجد فرسانها وسلالة الأحصنة
عصية ستبقى وأنتم الراحلون
في مرايا غروبكم الحالكِ
إلى زمن الأفولِ والمَسْكَنة،
سوف ترحلون مثلما جئتم
بلا مَجدٍ ولا تاريخٍ
عدا بؤسَ ذاكرتكم
وفي عيون البراءة
عميانٌ وصورة للمهزلة،
لن تكونوا إلا شبحَ أكذوبةٍ
لكنكم أيضاً المجرمون والقتلة.


* شاعر ومترجم من المغرب

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون