من بين أسباب أخرى

04 مايو 2022
منذر جوابرة/ فلسطين
+ الخط -

لا بد من الانهمام والاهتمام بالتربية العاطفية، التعلم الذي يودّ تعميق نظرتنا للأمور؟ بدون العاطفي، ما هو الأساس الذي لدينا لكل شيء آخر؟ ما فائدة امتلاكنا للرغيف وأشياء أخرى؟ جشع الاستهلاك؟ ملء المكان بماديات، لمحاولة التستر على المخاوف، وإن لمس المشكلة الحقيقية، وهي حب النرجس؟

لم طوال عمرنا لا نجد قيمة أقل وأقل في الماديات، على نحو خاص؟ إنه رائع ألا تمتلك ولا حاجة، وأن تأكل كيفما اتفق، من يد الناس أو سلال الطريق، وتنام عارياً تحت سماء الله الفريدة؟

الانتقال من مكان إلى آخر، مع الامتنان لعدم العيش مع حقائب ملتصقة؟ عدم العيش مع هذه، لهو أمر خارق، في زمننا، على عكس الأزمنة المنقضية الطيبة؟ ما الذي ينتقل إلى الروح، بكرّ الزمن، وأنت عائش على الرصيف؟ كل شبكة المثقفين لا يمكنها أن تدلي برأي معقول أمام هذا السؤال، لأنها لم تجرّب؟ العيش على الرصيف، كالعيش في عزلة الفيلسوف، تحتاج إلى إله أو وحش؟
 
وفي حالتنا لا يروقنا مجالان كهذين، وإنما فقط أن نكون صعاليك الفطرة؟ حتى إذا صرت جيدًا بالتكيّف مع نفسك، فهذه إضافة نوعية إلى سعادتك؟ وبخلاف ذلك، فإن أول شيء يجب فعله، هو العمل على أشياء، هي في الحقيقة جزء من طبيعتنا، مثل مشاعرنا العميقة نحو الزهد والميل إلى الزوال؟

الانتقال من مكان إلى آخر، مع الامتنان لعدم العيش مع حقائب ملتصقة؟

هكذا نصبح مهتمين بما يبقى، ويمكث في الأرض بين الناس، دون الحاجة إلى الوقوف على باب أي فندق أو مكتبِ وغد؟

مرة بكينا في سانتياغو دي تشيلي، لأننا تذكرنا من ماتوا من الرفاق في القدس؟ ما هي أخبار التنمية في عزيزتنا أفريقيا؟ مدن العربان ليست من المدن المستدامة؟

قوة الشعب في منع الموت من الإسهال؟ ممارسة الجنس مع إنسان نياندرتال يحمي العقلاء من فيروس نقص المناعة؟ عدم استبعاد فكرة العودة إلى الكهف؟  خاصة لو عملها أحد الحمقى الكبار وزرع النووي في تربة الكوكب الأزرق؟

حينها كل البشر غبار ذري، وحينها قد يتبقى عدد من نخبة النخبة، لا ينفعهم مال، وأخيراً يستسلمون بانكسار، لفكرة الإقامة في الكهف؟

نعم، ثم إن مسيرة الإنسان العاقل ـ كما يُزعم ـ لا تجعلنا متفائلين به، لحد نفي هذا الاحتمال؟ فهو طوال مئتي ألف سنة، لا يتعلّم، حتى لو وقعت الفأس في رأسه، مليون مرة، لأنه أشد بهيمية والله من الحيوان الأعجم؟ هل النووي بالفعل، نتاج تطوّر وتقدّم المسيرة المظفرة؟ تقدّم مع إنتاج أفظع الكوابيس قاطبةً على الإطلاق؟ أين التناغم في زعم بهذا الحجم؟

لهذا، فإن فكرة زوال البشر عن الكوكب الأزرق للأبد، فكرة لا تؤرقنا في العقد الأخير من عمرنا، وقد طُفنا ولففنا وشُفنا، على الأقل؟ نووي، أو لا نووي، فالدول حيوانات كاسرة، في كل الأحوال، سِيّان تعلّقت بمبدأ أم لا؟

وهل من السذاجة القول، إن كل هذا يحدث وسيحدث، لأن الناس، وخاصة السّاسة منهم، ما عادوا يرفعون قبعة من أي نوع (سواء أكانت جلدية أم من قماش)، لأي معْلم ثقافي؟ يفعلون ما يفعلون، كونهم يعانون من عدم استلطاف الشعر، من بين أسباب أخرى؟


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

موقف
التحديثات الحية
المساهمون