- تؤمن بأهمية الإبداع كوسيلة للمقاومة والصمود، معتبرة العمل الإبداعي حافظاً لذاكرة الأمم وأداة للتحدي والتصدي للظلم، وتعتبر الإبداع ثقافة وموقف وفلسفة.
- تدعو إلى تغيير جذري يشمل يقظة العرب وإسقاط الزيف الغربي، مؤكدة على ضرورة تحقيق توازن قوى يضمن مكانة العرب، وتعبر عن تضامنها مع أهالي غزة، داعية الإنسان العربي إلى النهوض والتقدم.
تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزّة، وكيف أثّر في إنتاجه وحياته اليومية، وبعض ما يودّ مشاركته مع القرّاء. "العالَم لم يخذلكم بقدر ما خذَل نفسه"، تقول الشاعرة والكاتبة الإماراتية لـ"العربي الجديد".
■ ما الهاجس الذي يشغلكِ هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟
- سقوطُ الضمير الإنساني والقانون الدولي، وعجزُ أمّة العرب والمسلمين، وتراجُع تيارات التحرّر والتحرير. أن يشهد العالم لحظةً بلحظة ما يجري من وحشية ومجازر الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي ضدّ الشعب الفلسطيني، وتدعمَ العدوانَ بلدانُ أميركا وأوروبا والهند واليابان وغيرها بالسلاح والمال والإعلام والمواقف، خزيٌ كبير لما ظننّا أنّه منجز إنساني كبير في القرن الحادي والعشرين لمنظومة حقوق الإنسان والعدالة الدولية والتحرُّر الوطني، وتكريسٌ للعنصرية والتعصّب الديني والتواطؤ وسقوط للأخلاق والقيم. إنّ هاجس الخوف من توحُّش العالم المَقيت، وسقوطُ القيم والمبادئ والقوانين في هذا القرن هو ما يشغلني في غزّة وغيرها.
■ كيف أثّر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية؟
- هناك الصدمة والذهول بالطبع، والشعور بالعجز. لكنّني دائماً أكتب، سواء المواقف والقيم التي أدعمها، أو الإبداع الشعري، فأنا ابنة الجيل الذي رأى ركاماً مَهولاً من تحوّلات عالمنا وسقوطاً مدوّياً لدول العرب، وكلُّ ما يجدُّ يُراكم تلك الحالة المختلّة. القضية الفلسطينية رضعناها منذ طفولتنا ونعِي الإجرام والاحتلال، لكن تبِعها الكثير من السقوط والعذابات العربية الكبرى، في معظم الدول العربية من العراق وسورية ولبنان والسودان وغيرها، والمشترك بينها هو الوحشية الأميركية الصهيونية.
■ إلى أي درجة تشعرين أن العمل الإبداعي ممكنٌ وفعّال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم؟
- العمل الإبداعي ضرورةٌ، ويجب أن يستمرّ تحت كلّ الظروف، فهو يحفظ ذاكرة الأمم، وليس مرهوناً أو ظرفياً، وحتى أطفال غزّة وأهلُها يصل صوتُهم بإبداعهم كشكلٍ من أشكال الصمود والتحدّي، مثل بقيّة فلسطين التي تُنتِج الإبداع من جحيم السجون والمعتقلات.
■ لو قُيّض لكِ البدء من جديد، هل ستختارين المجال الإبداعي أو مجالاً آخر، كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني؟
- لا تناقُض بين المجالات التي ذكرتَها. الإبداع ثقافةٌ وموقف وفلسفة، وأنا خضت كلّ ما سبق على مستوى شخصي، ودفعتُ الكثير من الأثمان الباهظة مقابل قيَمي وكلمتي.
مشاهد المذابح والدمار أشواكٌ لن تُقتلَع من ضمير الإنسانية
■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟
- أوّلاً، يقظة العرب وعودة الوعي بذاتهم الحضارية والجغرافية ولم شتاتهم، ليُدركوا أنّ مصيرهم واحد، وثانياً إسقاط الزيف الغربي الكبير الذي عشناه في ما بعد التحرُّر من الاستعمار المباشر، فقد كبّلونا بمفاهيم يسوّقون لها ولا يطبّقونها، وكبّلونا بالتبعية والتقسيم واستنزاف مواردنا وبلبلة ثقافتنا العربية والتشكيك في ديننا الإسلامي وسلخنا عن جذورنا وهويتنا. العالم بحاجة إلى توازن قوى كبير يكون العرب طرفاً أصيلاً فيه، وأن يتمّ تحجيم العنف وسباق التسلّح وتدمير البيئة وتجويع الشعوب لصالح الرأسمالية المتوحّشة وهيمنة الغرب على بقية العالم. هذا يجب أن يتغيّر، ولا بدّ من نشأة منظّمات دولية جديدة تسعى لعدالة أكثر في العالَم.
■ شخصية إبداعية مقاوِمة من الماضي تودين لقاءها، وماذا ستقولين لها؟
- نيلسون مانديلا، وسأقول له شكراً على دروس الحرية والتحرّر. هو مبدعٌ في المقاومة والتأثير على مصير شعبه.
■ كلمة تقولينها للناس في غزّة؟
- رحم الله شهداءكم وأعانكم على ما كنتم وما أنتم فيه؛ فهي حربٌ غير متكافئة راح ضحيّتَها البشر والحجر، لكنّكم أيقظتم، بثمنٍ فادح جدّاً، التاريخ والإنسانيةَ على ما يعيشه شعبكم لقرنٍ من الزمان، ليس لأنّ الناس لا تعلم، ولكن قوّة الصورة ومشاهد المذابح والدمار صارت أشواكاً لا يمكن اقتلاعها من الضمير الإنساني، كما كشفتم زيف الصهيونية العالمية وخزعبلات التلمود والتوراة على صليب غزّة.
ليت من مات لم يمت، وليت ما تمّ هدمه لم يُهدم، وليت الحدود فُتحت لتأتيكم نصرة أمّتكم وأحرار العالم، لكن ذلك لم يحدث. ما يحدث لكم حدثَ للشعوب الأصلية في أميركا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا باسم حروب استيطان الرجُل الأبيض، وحدث في الجزائر والهند وفيتنام وغيرها باسم احتلال الرجُل الأبيض الغربي، فالقتل والمجازر جزءٌ أصيل في ذاكرة التاريخ القديم والمعاصر. العالَم لم يخذلكم بقدر ما خذَل نفسه والمستقبل.
■ كلمة تقولينها للإنسان العربي في كلّ مكان؟
- قُم وانهض وتقدّم وقاوِم وعِش.
■ حين سُئلت الطفلة الجريحة دارين البيّاع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان، ماذا تريدين من العالم، أجابت "رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي".. ماذا تقولين لدارين ولأطفال فلسطين؟
- رحِم الله أهلك يا دارين، وحفظك من كلّ شر، وعوّضك خيراً. نُحبّك.
بطاقة
شاعرة وكاتبة إماراتية، حازت درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من "جامعة إنديانا" الأميركية عام 1980، وأتمّت دراسات عليا في جامعتَي إكستر ولندن، ثمّ في "الجامعة الأميركية" بالقاهرة. من إصداراتها الشعرية: "خطوة فوق الأرض، أو خطوة فوق الأفق" (1981)، و"صبابات المهرة العُمانية" (1985)، و"روح الشاعرة" (2005)، و"الجمال العابر" (2011)، وفي الرواية: "الحياة.. كما هي" (2011)، و"حجر الطريق" (2012)، ورحيل وإياب" (2017)، وفي الدراسات: "الذات الأنثوية من خلال شاعرات حداثيات في الخليج العربي" (1997)، و"قفطان الذاكرة: قراءة في الموروث العربي" (1998)، و"صاحبة الزمان، شرق وغرب وما بينهما" (2007)، و"منفى جامعة الدول العربية: بيوغرافيا ومذكّرات" (2013).