مع غزّة: رشيد الرحموني

08 اغسطس 2024
رشيد الرحموني
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تأثير العدوان على غزة على الفنان وحياته اليومية**: يعبر الفنان التشكيلي التونسي عن قلقه تجاه ما يحدث في غزة، مما أثر على حياته اليومية والإبداعية، حيث يوثق معاناة الفلسطينيين برسومات كاريكاتورية تنشر يومياً في جريدة الشروق التونسية ويشارك في معارض فنية.

- **دور العمل الإبداعي في مواجهة العدوان**: يؤمن الفنان بأن الكاريكاتير وسيلة فعالة لتعرية الواقع المأساوي في غزة وإيصال الرسالة إلى العالم، مما يساهم في زيادة الوعي العالمي بمعاناة الفلسطينيين.

- **رسالة الفنان وتطلعاته المستقبلية**: يؤكد الفنان على رسالته الإنسانية لتحقيق السلام والعدالة، داعياً لدعم الشعب الفلسطيني والضغط على الحكومات لوقف العدوان.

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزّة وكيف أثّر على إنتاجه وحياته اليومية، وبعض ما يودّ مشاركته مع القرّاء. "أطلقت العنان لريشتي لأرسم مأساة فلسطين"، يقول التشكيلي التونسي لـ "العربي الجديد". 



■ ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

- الهاجس الذي يشغلني هذه الأيام، ما يدور في غزّة من إبادة جماعية وتهجير، في اتجاه صحراء النقب أو صحراء رفح، وتفريغ القطاع من سكانه وتدميره بالكامل، ليصبح منطقة معزولة في تكتيك واضح للتخلّص من المقاومة بأية طريقة. ولأن المقاومة عصيّة عليهم ولا يمكن القضاء عليها مهما فعلوا، فهم يريدون غزّة خالية من السكان في تكتيك لعزل المقاومة والقضاء عليها حتى لو بأسلحة محرّمة دولياً، ونزوح الكم الهائل من السكان، في ظلّ صمت الحُكّام العرب والاكتفاء بالتنديد والبيانات الخاوية أمام شعبٍ يموت جوعاً وقهراً وحرقاً، ولا يحركون ساكناً.


■ كيف أثّر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية؟

- العدوان على غزّة هو عدوانٌ على كلّ إنسان شريف. إنّه عدوان جائر ومقيت بحق الإنسانية جمعاء، وخصوصاّ بحق الشعب الفلسطيني الأعزل. إنه انتهاك صارخ على مرأى ومسمع كلّ من دول العالم، ويوازيه صمت مريب من قبل المنظمات والجمعيات والمجتمع الدولي، الذي يساند الكيان الصهيوني بحجة واهية هي "الدفاع عن النفس". هذا العدوان الهمجي البربري أثّر في أغلب شعوب العالم، كما أثّرت فيّ الكثير من المشاهد التي لا يستوعبها العقل البشري.

ما عساني أن أفعل، فأنا ليست لي بندقية. لكن لي ريشة بمثابة الرصاص، فأطلقت العنان لها وتناولت العديد من المشاهد التي أثّرت في نفسي من قمع وتنكيل وتشريد وتهجير ومحاصرة ومنع الطواقم الطبية ووصول الدواء والغذاء، قصد التجويع أملاً في التركيع، أمام خنوع القادة العرب. شعبٌ يُذبح ببرود دم، فأطلقت العنان لريشتي، لأرسم معاناة الفلسطيني سواء في غزّة أو الضفة الغربية، وما يتعرّض له من همجية بربرية، في رسومات كاريكاتورية تنشر يومياً في جريدة الشروق التونسية، كما أقمت العديد من المعارض في تونس بالإضافة إلى مشاركات في معارض جماعية عربية.


■ إلى أي درجة تشعر أن العمل الإبداعي ممكنٌ وفعّال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم؟

- الكاريكاتير هو لتعرية الواقع المأساوي في قطاع غزّة، وإيصال الرسم عبر وسائط التواصل الاجتماعي أو الصحافة، لأنه فنٌّ عالمي يُقرأ في كلّ مكان من العالم، باعتباره يحمل دلالات وإشارات، ولا يحتاج إلى ترجمة. من هنا، للكاريكاتير تأثير على المُشاهد أو القارئ، ومن جانب آخر يوثّق الأحداث في عصر الصورة التي تنقل لحظياً كلّ الأحداث التي تدور في العالَم. نحن رسامي الكاريكاتير نُترجم الأحداث في رسم، ونضيف له نوعاً من البهارات النقدية من أجل إبراز المسكوت عنه، ووضع الإصبع على مكمن الداء، ونترجمه في صورة واضحة وجليّة تعكس معاناة المواطن أينما كان.

دارين، أنتِ وردة غزّة الصامدة، أنتِ شموخها، وأنتِ عزّتها

■ لو قُيّض لك البدء من جديد، هل ستختار المجال الإبداعي أم مجالاً آخر، كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني؟

- أنا أرسم كاريكاتير منذ أربعين عاماً، ورسمت في المجالات كلها، سواء اجتماعية أو رياضية أو سياسية محلية أو عالمية. ولدتُ رساماً، وسأبقى رساماً أدافع عن المواطن والشعب من المظلومين والمحرومين والمهمّشين، وكل قضايا الإنسان، مهما كان وفي أي مكان، في تونس أو خارج تونس، لأني أحمل رسالة، ولا يمكن لي أن أكون شيئاً آخر.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- التغيير الذي أريده أو أنتظره، في هذا العالَم المتوحّش، هو اختفاء أسلحة الدمار الشامل من أسلحة نووية وبيولوجية وجرثومية، وكلّ ما هو مضر بالبشرية، كالحروب والصراعات والنزاعات العرقية والمذهبية بين الدول، ليعمّ السلام على الجميع. والمضي قدماً في خدمة البشرية من الأخطار المُحدقة به من تلوّث وأوبئة ومجاعة وفقر وعنصرية وإبادة وظلم، وخاصة في الأرض المحتلّة التي يعاني شعبها منذ 76 عاماً، عاش خلالها الويلات في أرضه ووطنه المغتصب بقوة السلاح والدعم البريطاني والأميركي.


■ شخصية إبداعية مقاوِمة من الماضي تودّ لقاءها، وماذا ستقول لها؟

- الفنان ناجي العلي "حنظلة"؛ الفنان والرسام والإنسان، الذي ترك بصمته في فنّ الكاريكاتير السياسي العربي، وخاصة القضية الفلسطينية، شغله الشاغل، دافع عنها بكل ما يملك من حرفية وذكاء سياسي. لم يأتِ الزمان بمثله، وترك الشخصية المشهورة حنظلة، الذي نراه في الكتب والمجلات والفعاليات الثقافية والفنية. إنّها بصمته وشاهداً عليه وسيبقى رغم اغتياله عام 1987 في لندن، يقول لنا: أنا الحاضر الغائب.


■ كلمة تقولها للناس في غزّة؟

- اصبروا وصابروا. أنتم فخر العرب، أنتم العزّة، أنتم الصمود، أنتم أبطال. لا تنتظروا من شباه القادة العرب المطبّعين والمطبّلين شيئاً، لكم ربٌ يحميكم. ولكم أبطال مرابطون مدافعون هزموا أعتى دبابات الميركافا والطائرات والمسيّرات وجيشاً نظامياً يفتخرون به، وهو من ورق. أنتم المنتصرون، رغم كيد الكائدين.


■ كلمة تقولها للإنسان العربي في كلّ مكان؟

- ساند الشعب الفلسطيني في محنته. إنه يقف وحيداً في مواجهة الآلة الهمجية الصهيونية. اخرجْ للشارع بقوة، اِرفع صوتك ليسمعه العالم، واضغط على حكومتك وعلى المجتمع الدولي والإدارة الأميركية لوقف الحرب والإبادة بحق شعبنا الأعزل الذي يقاتل ويقاوم وحيداً دون سند.


■ حين سُئلت الطفلة الجريحة دارين البيّاع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان، ماذا تريدين من العالم، أجابت "رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي".. ماذا تقول لدارين ولأطفال فلسطين؟

- دارين الناجية الوحيدة كانت قوية، ووجهت رسالة للعالَم بكل كبرياء وعزّة، رغم أنّها فقدت أهلها، وكأنّها تسخر من الجيش الصهيوني والقادة العرب، لتقول لهم نحن هنا في أرضنا وحيّنا وبين أهلنا. إلى الجحيم أنتم وجنرالاتكم وجيشكم ودباباتكم وكلّ العملاء من الأنظمة العربية. أقول لدارين: أنتِ طفلة شجاعة، بألف بنت، ، أنتِ شرّفت كل أطفال البلدان المظلومة. سيكون لكِ شأن في يوم ما. سلامٌ لك ولك أطفال غزّة



بطاقة

فنان تشكيلي وخطّاط تونسي من مواليد عام 1962. يعملُ رسام كاريكاتير في الصحافة التونسية منذ أربعة عقود، وشارك في العديد من المعارض الفنية في تونس وخارجها.

مع غزة
التحديثات الحية
المساهمون