استمع إلى الملخص
- الدعم المحدود والطموحات: رغم محدودية الدعم المالي، يواصل "اتحاد الناشرين الأردنيين" تنظيم المعرض بمشاركة أربعمئة دار نشر عربية. خفضت إدارة المعرض تكلفة استئجار الأجنحة هذا العام.
- البرنامج الثقافي والانتقادات: تضمن البرنامج ندوات حول العدوان على غزة وانتقادات لبرنامج ضيف الشرف الجزائري. رغم الانتقادات، يلاحظ إقبال الزوار على الروايات والكتب الدينية.
زوّار كُثر نسبياً في مساء أوّل أمس السبت، ثالث أيام "معرض عمّان الدولي للكتاب" الذي تتواصل دورته الثالثة والعشرون حتى السبت المقبل، في "المركز الأردني للمعارض الدولية" بـ مكّة مول (مركز تسوّق تجاري يقع غربي العاصمة)، والذي احتضن المعرض عام 2022، وشهد حينها اعتراضات تتكرّر اليوم للمرّة الثانية.
اعتراض لدى عدد من الناشرين يتمثّل بأن مرتادين في الموقع الحالي هم ليسوا جمهور كتاب بالدرجة الأولى بحسب حديثهم لـ"العربي الجديد"، بل هم زوّار المول الذي يضمّ مطاعم ومحلات ألبسة ومراكز ألعاب وغيرها، يأتي قسم منهم إلى المعرض مرور الكرام، بينما كان زوّار المعرض في موقعه السابق على طريق المطار يتوجّهون إلى هدفٍ منشود.
اعتراض آخر يتعلّق بعدم جاهزية القاعة بسبب ثغرات عدّة منها توسّط أعمدة لبعض أجنحة الناشرين مما يعيق قدرتهم على العرض قياساً بأجنحة أخرى بلا أعمدة، كما أنّ الجدران يميل مستواها ما يعني أنَّ مساحات تصبح زائدة عند زوايا القاعة فيقلل وجودها من جماليات المكان، إلّا أن اتساع فضاء العرض وتوفّر أمكنة اصطفاف للسيارات وتخصيص مساحة خاصة كبيرة نسبياً للأطفال، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكلفة استئجار الموقع الحالي أقلّ بكثير مقارنة بالموقع السابق هي أمورٌ تقلل من مصروفات المعرض.
طموحات رغم محدودية الدعم
لا يبدو تغيير الموقع المحتمل في كل دورة مسألة جوهرية في ظلّ عدم تلقّي المعرض أي دعم من القطاع الخاص، بينما تُخصَّص له ميزانيات محدودة من قبل وزارة الثقافة، كما هو حال جميع الهيئات الثقافية في الأردن، بالإضافة إلى "أمانة عمّان الكبرى" التي تمثَّل في اللجنة الاستشارية للمعرض مع وزارات أخرى ذات صلة.
زوار المعرض في موقعه الحالي ليسوا جمهور كتاب بالدرجة الأولى
ورغم محدودية الدعم، حافظت الجهة المنظّمة ممثّلة "بـاتحاد الناشرين الأردنيين" على انعقاد المعرض سنوياً منذ عام 2016، وربما ليست هناك طموحات رسمية أو أهلية لتطوير التظاهرة الأكبر المخصّصة للكتاب في البلاد التي تديرها مؤسسة ثقافية غير ربحية تأسست عام 1993، خلافاً لمعظم معارض الكتب العربية التي تشرف عليها هيئات حكومية وتُخصص لها ميزانيات كبرى.
وفق هذه المعادلة التي لا أفق لتغييرها، يشارك في المعرض حوالي أربعمئة دار نشر عربية منذ سنوات عديدة، تأتي أغلبيّتها من مصر وسورية ولبنان وفلسطين والعراق في طريق ذهابها أو إيابها من معرض عربي في الجوار، إذ لا يجتذبها "عمّان للكتاب" بسبب انخفاض القوة الشرائية، وغياب دعمٍ حقيقي من خلال اقتناء مؤسّسات وهيئات حكومية وخاصة للكتاب. مع تنويه بأن إدارة المعرض خفّضت هذا العام تكلفة استئجار أجنحة دور النشر العربية.
غزّة حاضرة ولكن
وتقام حفلات إشهار عدد من العناوين في هذا السياق منها مجموعة "مريم غزة" للشاعر والروائي إبراهيم نصر الله، ورواية "الرعب: حكاية الحرب في غزّة" للكاتب الأردني أيمن العتوم، بالإضافة إلى عشرات الكتب التي أصدرتها دور نشر أردنية وعربية وتضمّ مختارات لكتّاب أدلوا بشهاداتهم حول الإبادة الصهيونية وتداعياتها المستمرة منذ أكثر من عام.
عرض إصدارات عديدة حول العدوان على غزّة وشهادات على الحرب
وينطبق الأمر ذاته على البرنامج الثقافي للمعرض الذي اشتمل ندوات وجلسات حول غزّة، منها "تأثير غزة.. دور الصورة والذاكرة في إنشاء خطاب المستقبل"، و"الدور الأردني في إغاثة وإسناد الأهل في قطاع غزة"، و"معركة 7 أكتوبر وتداعياتها"، و"طوفان الأقصى وانعكاساته الاستراتيجية"، حيث كان يمكن الاكتفاء بفعالية أو اثنتين مثل تلك التي تناقش الإبادة الثقافية للأرشيف والمكتبات ويقدّمها أحد المختصين.
ملاحظات على البرنامج الثقافي
من جهة أخرى، ينظر بتقدير إلى الأكاديمي والناقد الأردني يوسف بكّار (1942)، الذي اختاره المنظّمون شخصيّة المعرض الثقافية، لـ"مساهمته منذ سبعينيات القرن الفائت في تطوير الدراسات الأدبية والنقدية، من خلال مؤلفاته التي وصلت إلى 80 عنواناً" بالإضافة إلى ترجماته من وإلى الفارسية، وهو ما ينسحب إلى اختيار شخصيات ثقافية عدّة في الدورات الماضية، ومنها هند أبو الشعر ووليد سيف ومصطفى وهبي التل (عرار)، وأمجد ناصر.
انتقادات بالجملة توجّه إلى البرنامج الثقافي هذا العام، وفي كلّ عام، ويستحق كثير منها الاهتمام ومراجعة لطبيعة مضامينه أو آلية وضعه، لكن تطويره يحتاج إلى سدّ ثغرات تتعلّق بتقلّب المسؤولين عنه مع تغيّرهم المستمر -وإن شهد بعض الاستقرار خلال هذين العامين- كما أنَّ الجهود المبذولة لإعداد البرنامج هي تطوعية والميزانية المرصودة لتحقيقه متواضعة نسبياً، ما يفرض صعوبات وعوائق أمام استضافة شخصيات ثقافية مكرسة عربياً.
عند التدقيق والانتباه إلى إقبال الزوّار نحو عناوين أو مجالات محددة، يلاحظ أنَّ الرواية لا تزال محطّ جذب لقرّاء كُثر غالبيّتهم من الفتيان والشباب، مع انزياح نحو كتّاب يقدّمون أعمالاً لا تلقى تقديراً لدى النقاد والمنشغلين في الأدب، ومن هؤلاء الكتّاب السعودي أسامة مسلم، والأردني أيمن العتوم، وكذلك تجتذب الرواية المترجمة جمهوراً عريضاً، تضاف إليه الإصدارات التي تتناول اليهودية واليهود بحسب ما أشار إليه أصحاب عدد من دور النشر، ويحافظ أيضاً الكتاب الديني -الذي تعرضه نسبة ليست قليلة من الناشرين- على حضوره السنوي، بل ربما يسجّل حضوراً أكبر هذا العام.