في عام 1994، أصدر محمد ديب كتابه "تلمسان أو أماكن الكتابة" الذي ضمّ نصوصاً تجاورت مع حوالي خمسين صورة للفنان الفوتوغرافي الفرنسي فيليب بورداس اعتبر أنها تمثّل تجربة الروائي الجزائري (1920 – 2003)، ونالت هذه اليوميات الممزوجة بالتنظير جائزة الأكاديمية الفرنسية.
تضمّن الكتاب تأملات مؤلّفه حول طفولته وبداياته الأدبية، وحول فعل الكتابة وطبيعتها، ودور الكاتب ومسؤوليته، ويأخذ عقد الأربعينيات مساحة كبيرة نسبياً من الكتاب حيث تأسّس فيه وعي صاحبه تجاه العديد من القضايا خلال فترة عمل فيها مدرساً ومحاسباً ومجنداً في جيش الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، ثم مترجماً بين الفرنسية والإنكليزية في العاصمة الجزائرية.
عن "منشورات البرزخ"، صدرت طبعة جديدة من الكتاب بالتعاون مع "منشورات بلوريليس إيمجيز" الفرنسية، احتوت على "صور نادرة لم يسبق نشرها كان قد التقطها ديب بشكل عفوي عام 1946، بالإضافة إلى نصوص مستوحاة من هذه الصور"، بحسب بيان الناشرين.
يحتوي الإصدار صوراً نادرة لم يسبق نشرها كان قد التقطها ديب بشكل عفوي عام 1946
الصور تعود إلى سنة 1952 التي نشر ديب خلالها روايته الأولى بعنوان "الدار الكبيرة"، وهي بالأبيض والأسود وتظهر بورتريهات لأطفال (وهو موضوع أثير لدى الكاتب)، ولأفراد عائلته ولغرباء آخرين كان قد التقى بهم صدفة، حيث تقدم هذه الصور نظرة نادرة عن الجزائريين وحياتهم اليومية وظروفهم المعيشية خلال فترة الاستعمار وبالضبط بعد الحرب العالمية الثانية.
وورد في تقديم الكتاب الذي وضعه الروائي الجزائري واسيني الأعرج أنه من خلال استحضار بورتريهات أطفال، يعود ديب بشكل مفصل إلى زي ذلك الوقت، وإلى وصف صورة عائلية وهذا لما كان عمره لا يتجاوز الخمسة عشر عاماً، كما يستحضر أيضاً الأطفال المتمدرسين، وأولئك الذين كانوا في العمل أو أولئك الذين كانوا يجولون شوارع تلمسان إلى مناطق المنيعة، ليفسحوا المجال لأنفسهم ولألعابهم كما كان هو في حيّه العتيق باب الحديد.
يستدعي ديب في نصوصه، بحسب التقديم، أماكن لم تعد موجودة، "أماكن تم التضحية بها" كسوق ميدرس، معتبرا أن "أسلوباً معيناً للوجود في المدينة قد تبدد"، ومن بين الصور النادرة التي أضيفت للكتاب العديد من صور الأطفال والغرباء الذين التقاهم صدفة في شوارع تلمسان وبعض الصور في منزل العائلة.
وتم إنجاز هذا الإصدار، الذي أعيد نشره وإثراؤه بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد محمد ديب التي تصادف تشرين الثاني/ نوفمبر من هذا العام، بمشاركة حفيدته لويز ديب في الغرافيك وجوليا بالومبو في معالجة الصور.