تنوّعت اشتغالات الفنّان الجزائري محمد خدّة (1930 - 1991)، الذي مرّت أمس الثلاثاء ذكرى رحيله الثلاثون، في الفنّ التشكيلي؛ بين اللوحات والجداريات والزرابي وتصميم الملصقات وأغلفة الكتب، كما فعل مع عددٍ مِن أعمال الطاهر جعوط ورشيد بوجدرة وجان سيناك، إضافةً إلى تصميم ديكورات بعض المسرحيات. وإلى جانب ذلك، كانت له إسهاماتٌ تنظيرية، في مقالاتٍ وكتبٍ، حول الفنّ التشكيلي.
في لقاءٍ نظّمه "المتحف الوطني للفنون الجميلة" بالجزائر العاصمة، أمس، تناولَت الأكاديمية الجزائرية، نجاة خدّة، بعض المحطّات في مسيرة الفنّان التشكيلي الراحل؛ بدايةً مِن دخولِه المبكر للفنّ نهاية الأربعينيات، حيث بدأ الرسم وهو في السابعة عشرة مِن عمره، ثمّ هجرته إلى باريس حيث أقام أوّل معرضٍ له منتصف الخمسينيات.
وتحدّثت الأكاديمية المتخصّصة في الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية، وهي أيضاً أرملة الفنّان الراحل، عن الصداقات التي ربطت خدّة بأسماء بارزة في المشهد الأدبي والفنّي الجزائري؛ مثل الروائيَّين عبد الحميد بن هدوقة والطاهر وطّار، والشاعر بشير حاج علي، والمسرحي عبد القادر بن هدّوقة.
يُعدّ خدّة أحد أبرز وجوه ما يُعرَف بـ"مدرسة الإشارة" في الفنّ التشكيلي الجزائري. وفي هذا السياق، لفتتْ المتحدِّثة إلى اهتمامه الخاصّ بالموروث الشعبي وما فيه مِن رموز وطلاسم وحروف أعاد صياغتها وفق رؤيةٍ تُركّز على الخصوصية الجزائرية، مستشهدةً، في هذا السياق، بشجرة الزيتون التي قالت إنه كان يرى فيها عنصراً بارزاً في البيئة الجزائرية، والمغاربية والمتوسّطية بشكل عام.
تتوزّع لوحات محمد خدّة بين عددٍ من المتاحف الجزائرية، لكنَّ أرملته قالت إنّها لا تزال ترغب في رؤية منزله ومرسمه في الجزائر العاصمة يتحوّلان إلى متحفٍ خاصٍّ بأعماله، معتبرةً أنَّ ذلك سيكون بمثابة تكريم له.
وخلال اللقاء، كشفت نجاة خدّة أنّها بصدد نشر كتابٍ فنّي يوثِّق لتجربة الفنّان الراحل عبر مختلف مراحلها، مِن خلال جمع كلّ أعماله، وهي قرابة خمسمئة عملٍ تتوزّع بين الرسومات واللوحات والملصقات والجداريات والأعمال النحتية، إضافة إلى كتاباته.