يظّل التأريخ للأدب من أعقد المسائل ضمن النظريات الأدبية، فمقابل الحاجة إلى تقسيمات في الزمن تساعد على التصنيف والتبويب، وبالتالي على ترتيب رؤية للحياة الأدبية في تشعّبها، فإن تحديد هذه التقسيمات لا يعني قطيعة حقيقية بين مرحلة وأخرى.
قليلة هي التصنيفات العربية في العقود الأخرة ضمن التاريخ أدبي، لكننا نلمس هذا الهاجس في كتابات متنوّعة كما هو الحال مع الناقد العراقي محمد جبير في عمله الأخير "فاكهة ليلية" (منشورات دار الورشة، 2020) الذي جرى التطرّق إليه يوم أمس ضمن محاضرة حول الرواية العراقية في مئة عام ألقاها الناقد العراقي في "قاعة جواد سليم" ببغداد.
استهل جبير الحديث بالتذكير بنشأة الرواية العراقية، مشيراً إلى عدم اتفاق العقل النقدي العراقي على الريادة في هذا الفن الإبداعي، فقد انقسم إلى فريقين؛ الأول ذهب إلى إعادة ذلك إلى سليمان فيضي في عمله "الرواية الإيقضائية" الصادرة في مطلع القرن الماضي، والثاني إلى رواية محمود أحمد السيد التي حملت عنوان "جلال خالد" والصادرة في عشرينات القرن الماضي.
بعد ذلك، يقسّم جبير مراحل الرواية العراقية إلى ثلاث، الأولي هي مرحلة الاحتلال البريطاني التي تنتهي بـ"ثورة تموز" (1958)، فمرحلة الاستقلال ما بين 1958 إلى 2003، لتأتي بعد هذ التاريخ مرحلة الاحتلال الأميركي.
يستعرض جبير لاحقاً أهم المحطات الفنية في تاريخ الرواية العراقية، مشيراً بالخصوص إلى الدور الذي لعبته الإبداعات السردية لفؤاد التكرلي، وغائب طعمة فرمان، وعبد الرحمن الربيعي، ومهدي عيسى الصقر، ولطيفة الدليمي، وعبد الخالق الركاب، وأسماء أخرى في خلق تراكم سردي معرفي.
هذا التراكم ستسهم فيه أجيال المرحلة الثالثة، لاسيما من المحافظات الجنوبية، كما يلاحظ الناقد العراقي، فيذكر أسماء كتّاب من البصرة مثل أحمد إبراهيم السعد، ووحيد غانم، وضياء جبيلي، وباسم القطراني، ونبيل جميل، ونادية الابرو، ومنتهى عمران، ومن جغرافيات عراقية أخرى، يذكر: حسن فالح، وشهيد شهيد ،وأحمد سعدواي، وعلى الحديثي، ومهدي علي ازبين، ورغد التسهيل.
كما يشير جبير إلى أنه لا يمكن إغفال المساهمات الإبداعية للكتّاب العراقيين في بلدان الشتات، مثل شاكر نوري عواد علي، وحمزة الحسن، وبرهان شاوي، وحميد العقابي، وجنات جاسم حلاوي.