في بدايات العدوان الروسي على أوكرانيا، نقلت وسائل الإعلام فيديوهات وصوراً لحريق أتى على لوحات ماريا بريماتشينكو في متحف يحمل اسمها بمنطقة إيفانكيف، بالقرب من العاصمة كييف، قبل أن يعلَن عن إنقاذ عشرة أعمال لواحدة من أبرز الفنانات العصاميات في بلادها.
تحتشد أعمال الفنانة الأوكرانية (1908 - 1997) بعناصر وشخصيات تنتمي إلى الميثولوجيا والتقاليد الشعبية، كما تتضمن إشارات إلى عالم الطبيعة وإلى القصص الخيالية، وقد انتقلت خلال الثلاثينيات من التطريز إلى الرسم من خلال دمجها الزخارف التقليدية بأساليب معاصرة.
حتى الحادي والثلاثين من الشهر المقبل، يتواصل في "غاليري شاتشي" بلندن معرض استعادي لماريا بريماتشينكو. المعرض، الذي افتتح في الثالث عشر من الشهر الجاري، يضمّ ثلاثاً وعشرين لوحة احتفظت بها عائلة الفنانة، تمثّل تطوّر تجربتها على مدار أكثر من نصف قرن.
تعكس الأعمال المعروضة تشبّعها بالثقافة السلافية، بامتزاجها بأساطير ومعتقدات وثينية ومسيحية أرثوذكسية، حيث تظهر رؤوس الزهور مثل أقراص الشمس التي تشير إلى الأبدية، والطيور كرسل للسلام، كما تشكّل الخيول تعويذة تحمي من الحسد والعين الشريرة.
وُضعت لوحات بريماتشينكو على عدد إصدارات الطوابع الأوكرانية منذ عام 1999، حيث توجد فيها المياه والسماء المغطاة بخطوط أفقية أو عمودية وأقواس، بالإضافة إلى بعد زخرفي من خلال رسم نقاط تمثّل الغيوم والسماء، وبقع داكنة فوق العشب وأمواج البحر، وغيرها من الزخارف التي تختزل أيقونات ورموز حول علاقة الإنسان بالكون وفق الثقافة الشعبية الأوكرانية.
في رسومات المعرض تركيز على جمال الوجود اليومي، الثيمة الأساسية التي تتكرّر في معظم أعمال الفنانة، بالإضافة إلى رسومات نفّذتها خصيصاً لكتب الأطفال، حيث تتضمّن نساء يغزلن الألياف فوق عجلة، أو يمضين في حقول واسعة ومعهن الخيل، أو يجلسن بالقرب من عربات تحمل أطفالهن، وأحياناً ترسم رؤوساً ذات وجهين تحيل إلى وحوش وبجوارها كتابات بخط اليد.
أمّا العبارات التي خطّتها بريماتشينكو داخل لوحاتها، فتنتمي إلى مرحلة متطورة من تجربتها بدأت في الستينيات والسبعينيات، حيث الألوان نابضة بالحياة بشكل متزايد مع إبراز لخلفيات ساطعة اللون أيضاً، وانتقلت أيضاً من استخدام الألوان المائية إلى الغواش.