ليون مونيه: اسمٌ وراء الأخ الأصغَر ووراء الانطباعيين

13 ابريل 2023
مقطع من البورتريه الذي رسمه كلود مونيه لأخيه الأكبر ليون، 1874 (من المعرض)
+ الخط -

ليس غريباً أن يشعر بالتشوّش بعضُ المارّة من أمام "متحف لوكسومبورغ" في باريس، حين يلمحون، على واجهة المتحف، الملصق الدعائي لمعرضه الحالي. ملصقٌ يتحدّث عن ليون مونيه، الذي كُتب اسمُه بخطّ كبير على خلفيةٍ هي بورتريه يعود، كما يبدو من ثياب الرجل فيه، إلى القرن التاسع عشر.

التشوّش هنا يأتي من اسم الفنان. فالتشكيلي الفرنسي المعروف لدى غالبية الفرنسيين بلا شكّ (إذ يُدَرَّس في مناهج تعليم الفنّ، عدا عن أن العديد من المدارس الموزّعة في العديد من المدن الفرنسية تحمل اسمه) اسمه الأوّل كلود. أمّا ليون هذا، فعلى المرء أن يقترب من الملصق أكثر ليفهم أنه "أخُ الفنّان وجامِع لوحات"، كما هو مكتوبٌ في عنوان المعرض الفرعي.

المعرض، الذي افتُتح منتصفَ آذار/ مارس الماضي ويستمرّ حتى السادس عشر من تمّوز/ يوليو المقبل، يأتي إذاً ليُضيء على تأثير هذا "الأخ المنسيّ" ــ بحسب بيان المنظّمين ــ في تجربة التشكيلي المعروف، وحتى خارجها.

وُلد ليون عام 1836، قبل أن يرى أخوه الأصغر، كلود (1840 ــ 1926)، النورَ بأربعة أعوام. درس الكيمياء، وعمل لسنوات في تجارة الأقمشة التي كانت تُعرَف في فرنسا القرن التاسع عشر بـ"الهندية"، باعتبارها استُقدمت أوّل الأمر من الهند، وهي أقمشة تحمل طبعات ورسومات ملوّنة، كما كان عليه الحال مع الأقمشة والبسُط التقليدية في سورية وإيران وغيرهما.

الصورة
"طريق لوفيسيين، مع تأثير الثلج" لـ ألفريد سيسلي، 1874 (من المعرض)
"طريق لوفيسيين، مع تأثير الثلج" لـ ألفريد سيسلي، 1874 (من المعرض)

بعد اكتسابه خبرةً في هذا المجال، أضافها على معرفته بتفاصيل الكيمياء والألوان التي ألمّ بها خلال دراسته، سيدخل ليون مونيه مجالَ جمْع اللوحات، حيث سيبدأ باقتناء أعمال لأخيه، مانحاً إيّاه مبالغ تفوق قيمة لوحاتٍ لم تكن قد نالت اعترافاً نقدياً وشهرةً كهذين اللذين تعرفهما اليوم.

كما سيشتري ليون أعمالاً لفنّانين شباب وآخرين بارزين من مُعاصريه، مستفيداً من علاقات أخيه للتواصل مع بعضهم. على أنّ عمليات الشراء تلك لم تكن بالضرورة "استغلالاً" من قِبَله لفنّانين شباب، بل على العكس، كما نفهم من المعرض. فليون مونيه، الذي جمع أرباحاً من عمله في القماش، سيُساهم في دعم بدايات العديد من الفنّانين الذين سيتحوّلون في السنوات اللاحقة إلى "نجوم" للمدرسة الجديدة أنذاك في الفن الفرنسي والأوروبي: الانطباعبة.

عبر المبالغ التي كان يدفعها لشراء لوحات لألفريد سيلي، وكامي بيسّارو، وأوغست رنوار، ساهم ليون، بطريقةٍ ما، في "تمويل" فنّانين لم يكونوا معروفين بعد، وهو ما سيجعل منه، خلال العقود التالية (سيرحل عام 1917) واحداً من أبرز جامِعي الأعمال الفنّية، ليس من ناحية الكمّ، بل النوعية، حيث انتبه قبل غيره إلى الجديد الذي جاء به هؤلاء الشباب الانطباعيون قبل حتى أن تُولَد كلمة "انطباعية".

الصورة
"الجسر والزوارق في مدينة روان" لـ كامي بيسارو، 1883 (من المعرض)
"الجسر والزوارق في مدينة روان" لـ كامي بيسارو، 1883 (من المعرض)

كما يُضيء المعرض على الدور الذي لعبه الأخ الكبير في سوق الألوان بأوروبا خلال ذلك الوقت، إذ يطرح المعرض احتمالية توفيره، لأخيه ولأصدقائه، ألواناً صناعية زاهية وأكبر جودةً من المتوفّرة آنذاك في السوق، ولا سيّما من إنتاج شركات ألمانية.

يضمّ المعرض نحو مئة لوحة من أعمال كلود مونيه وبيسارو وسيسلي ورنوار، إلى جانب الفنّانة الانطباعية بيرت موريزو، وغيرها. كما يُعرَض، لأوّل مرّة، البورتريه الذي رسمه كلود لأخيه الأكبر عام 1874، والذي يشهد بجماله وطاقة الألوان التي فيه على "العطف العميق الذي كان يجمع بين الأخوين"، بحسب المنظّمين، الذين اختاروا وضع هذا البورتريه في مُلصَق المعرض.

المساهمون