تُشكّل المكتبات العامّة في المدينة القديمة لطرابلس جُزءاً من التراث الثقافي في ليبيا؛ حيث يعود أغلبها إلى فترة الحُكم العثماني، كما أنّ من قام بتأسيسها هُم مُصلحون ومُفكِّرون ينتمون إلى بواكير عهد النهضة، أي مطلع القرن الماضي، وذلك قبل الغزو الإيطالي للبلاد، والذي سعى إلى طَمْس هذه المعالم أو تغيير هويّتها وإلحاقها بمؤسّساته.
في كانون الثاني/ يناير 2021، شُكّلت لجنة في العاصمة الليبية، لإعادة إحياء واحدة من هذه المكتبات، والتي باتت تحمل اسم المُصلِح مصطفى قدري معروف (1855 - 1938) منذ 1970، بعد أن كانت مصلحة الآثار قد شرعت عام 2019، بإنقاذها ونقل محتوياتها إلى قلعة "السرايا الحمراء"، ليُصارَ إلى إعادة تصنيف المحتويات وفَرْزها وحفْظِها بما يتلاءم والقيمة العِلمية للمكتبة.
لاحقاً، قام جهاز إدارة المدينة القديمة بتخصيص المبنى التاريخي في "حوش محمود بي"، والذي يأخذ سَمْت البيوت الطرابلسية القديمة، ويعود تأسيسُه إلى فترة حُكم الأسرة القرمانلية (1711 - 1835)، ليكون مقرّاً جديداً للمكتبة. وبعد الانتهاء من تلك المرحلة الأوّلية في أيلول/ سبتمبر الماضي، جرى تجهيز القاعات الداخلية بمحتوياتها الأصلية التي تضمّ كتُباً ومخطوطاتٍ تتناول مراحل سياسية مختلفة عن التاريخ والثقافة الليبيَّين.
وفي السابع عشر من حزيران/ يونيو الجاري، أُعيد افتتاح المكتبة أمام الزوّار، في حفل رسميٍّ. والجدير بالذكر أنّ مشروع إعادة افتتاح هذه المؤسّسة العامّة، والتي يعود إنشاؤُها إلى أكثر من مئة سنة (تأسّست عام 1917)، وتستهدف شرائح مختلفة من الناس، تمكَّن من أن يرى النور خلال سنتين فقط، رغم ما تُعانيه المشاريع الثقافية عادةً من إجراءات الإنشاء والترميم، قد تطول لمدّة أطول من ذلك.
يُشار إلى أنّ "مكتبة مصطفى قدري معروف" تحتوي على مراجع وكتب في لغات مختلفة كالعربية والإيطالية والإنكليزية وغيرها، وقد ظلّت تحمل اسم "المكتبة الحكومية" حتى سبعينيات القرن الماضي، قبل أن تتوقّف عن العمل عام 2008.