"لقاءات": حين انتقلت الانطباعية من فرنسا إلى ألمانيا

15 ديسمبر 2022
"منظر لكوهلبراند" لـ لوفيس كورينت، 1911 (جزء من لوحة/ من المعرض)
+ الخط -

قليلةٌ هي المدارس الفنّية التي لا ترتبط ببلدٍ أو مجموعةٍ معيّنة من الفنّانين التي التقى أفرادُها في مدينةٍ ما، قبل أن تخرج أعمالُهم من هذا الإطار المحلّي لتجد أصداء في بلدان وثقافات أُخرى. ينطبق هذا الكلام على الانطباعية؛ هذا التيّار الذي وُلد في فرنسا، في ستّينيات القرن التاسع عشر، وكان محورُه إدوار مانيه وعددا من مُواطنيه الفرنسيين، مثل كلود مونيه، وبول سيزان، وكاميّ بيسّارو، على سبيل المثال لا الحصر.

وإن كانت الانطباعية قد وجدت مكاناً ثابتاً لها في المشهد الفرنسي منذ عام 1874، مع ما عُرف بـ"المعرض الأوّل للرسّامين الانطباعيين" (شارك فيها الفنانون المذكورون أعلاه إلى جانب فنّانين فرنسيين آخرين)، فإن هذه الرؤية الجديدة، التي جاءت كردٍّ على الفهم الأكاديمي للتصوير الزيتي، لن تنتقل إلى بلدٍ مثل إلى ألمانيا إلّا بعد نحو عشر سنوات، حيث احتضنت برلين، في 1883، أوّل معرضٍ رفع المشاركون فيه يافطة "الانطباعية".

حتى الحادي والثلاثين من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، يستضيف "متحف كونست هاله" في مدينة هامبورغ الألمانية معرض "الانطباعية: لقاءاتٌ فرنسية ألمانية"، والذي يضيء التمظهرات التي أخذتها هذه المدرسة الفنّية في بلد غوته.

يضمّ المعرض أكثر من ثمانين عملاً ــ بين لوحات زيتية، ولوحات باستل، ومنحوتات ــ وقّعها فنانون فرنسيون وألمانيون، توضّح النحو الذي انتقلت من خلاله الانطباعية إلى ألمانيا. وهُنا، تتّخذ كلمة "لقاءات" معناها الأكثر مباشرةً، حيث تلقّف العديد من الرسّامين الألمان فكرةَ الانطباعية بُعيد لقائهم شخصياً بفنانين فرنسيين، مثل ما حصل حين التقى التشكيلي الألماني باول بلاوم نظيره الفرنسي كاميّ بيسّارو، ليتأثّر باستخدامه المجدِّد للضوء والظلال، قبل أن يجد بلاوم طريقته الانطباعية الخاصّة به، كما نقف على ذلك في لوحته "تلال في توسكان".

"موكب الفوانيس" لـ بيير بونار، 1913 (من المعرض)
"موكب الفوانيس" لـ بيير بونار، 1913 (من المعرض)

ويُشير المنظّمون إلى أن الانطباعية، في نسختها الألمانية، ستعيش عمراً أطول من الأصل الفرنسي الذي تلاشى حضوره في نهايات القرن التاسع عشر، في حين ظلّ الانطباعيون الألمان يشغلون المتاحف والمعارض في بلادهم حتى عشرينيات القرن العشرين، قبل أن تستحوذ على الأضواء مدارس جديدة، ولا سيما التعبيرية، التي ذهبت باللوحة إلى خطابات التحليل النفسي، والترميز، في مسعى لقول الواقع بطريقة أكثر مباشرة وتأثيراً.

تتوزّع الأعمال المعروضة على خمس صالات قُسّمت بحسب الموضوع، حيث ينتقل الزوّار من قاعةٍ مخصّصة للبورتريهات، إلى أُخرى تدور لوحاتها حول التضاريس، وأُخرى مُخصّصة للتكوينات ذات البُعد المسرحي، في حين تستضيف القاعة الرابعة أعمالاً حول "المدينة والترفُّه"، بينما تضمّ الخامسة لوحاتٍ تنتمي إلى الطبيعة الصامتة.

ومن الفنّانين الذين تُقَدَّم أعمالهم في المعرض: ماك ليبرمان (1847 ــ 1933)، ولوفيس كورينت (1858 ــ 1925)، وماكس سليفوغت (1868 ــ 1932)، إلى جانب أسماء فرنسية مثل إدوار فويّار (1868 ــ 1940) وإدغار داج (1834 ــ 1917) وبيير بونار (1867 ــ 1947).

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون