الطريق
كان الطريقُ يَرتجِفُ مثلَ شجرةٍ مَائلة
والغابةُ تَطوي نَفسَها
مثلَ برقيَّةٍ للباحثين عن شيءٍ يُؤكل
كان الدليلُ غيمةً والرِّداءُ قمراً من صوف،
والحلمُ توتاً بَريّاً.
اشتدَّتِ الرّيحُ الباردة وصارَ حفيفُ الشَّجر مُخيفاً
لمحنا قَطرَةَ ضوءٍ من الكوخِ المُطلِّ على النَّهر
سماءُ الشّمال غافيةً في حُضنِ العُشب اللّامع.
■ ■ ■
البُحَيرةُ العَجوز
هنا رميتُ فؤادي بدلاً من الشمعة
لأمشي، مثل القدِّيسينَ على الماء.
صُخورها الكلسية
التي تَلمَعُ بوجه الشمسِ
كانت نِدّاً عنيداً
أشعرُ أحياناً، أنَّها جماجمُ أجدادنا
أو حُليّ الأرض.
هناك يرقد الحُزن
ويشربُ السكّيرُ خَمرته الرَّخيصة
ويُقَبَّلُ المُحبُّ حبيبتَهُ خِفيةً
وأنا، أذهبُ لأكتبَ عن هؤلاء.
■ ■ ■
بِلا قَدَمين
أحمل نفسي مثلَ كومة قشٍّ
وأنتظرُ شرارةً
لأحتَرِقَ في الطَّريق
أنا وحدي واللَّيلُ كذلك
أحتاجُ نهراً
لأغرُفَ منه صِبْا الكلمات
فهل لديَّ شاعريَّةٌ
تكفي
لأَسرِ امرأةٍ
تفوح منها رائحةُ الورد
أرجو من هذا كلّه
أن تكون الكرسيّ المتحرّك
لهذا القلب المحطم.
■ ■ ■
قمرٌ في غيمة
قمرٌ يدخلُ في غيمةٍ
ويخرجُ من أُخرى
صوتُ ريحٍ عالٍ
يتخلَّلُ الصوت نشيج
هكذا نُمسي ونُصبحُ
على وترٍ مكسور.
على دكَّةِ الموتى ينام الحُزن
مثلَ طفلٍ يَبكي على فراشٍ أسود
أُغنّي لَهُ أغنيةً عن قُدومِ الشِّتاء
لينامَ على تنهيدةٍ قديمة.
الأرجوحةُ لعبة الفقراء
والنّاي تسليةُ الراعي
بين اللعب والتسلية
السبيل واحد
رغيف خبز.
تلاشى الدِّفءُ مثلَ الضَّوء
وتلاشينا مثلَ ماضينا الحزين
والعدل إكسير مفقود
فتعال أيُّها الفرحُ أو لا تجئ
أو
أكمل رحلتكَ حيث تَشاء
حيثُ مرساك الأخير
صُبَّ هناك مثل شلاّلٍ
لِتَهبُطَ نهراً
كن ما تريد فأنت الشراع
الذي يأخذ الأرواح إلى المنافي.
بعد حربي الأخيرةُ
حلَّقتُ مثلَ طائرٍ
بجناحٍ مخلوع
تهاويت إلى الأرضِ مثلَ ريشةٍ
ثُمَ نزفتُ على الرَّملِ
أنتظرُ الملاكَ أن يأتي
على ظهرِ غيمةٍ بعيدةٍ
ليضمِّدَ جُرحي.
■ ■ ■
نجمةٌ بعيدة
أنا في سمائكَ نجمةٌ بعيدة
أحاول التشبُّثَ برائحةِ الزهور
وأعدُّ نسمات الهواءِ
بمفردي أقتلعُ نبتةً
وأغرسها في أرضِكَ
كي تستعيدَ خضرتكَ
التي راودت اليباس.
كنتُ في شطآنكَ موجةً
تنتشي برائحة الرَّمل
وتبسطُ ذِراعيها للهواء.
لا تقتفِ أثر الغزالة
صعبٌ عليك
أن تطاردَ نيزكاً
هكذا هي الغزلان
بريئة وساحرة مثلَ الضياء
خفيفة مثلَ نسمةٍ
تشبهُ الشُّهب.
* شاعر من العراق