"لا تتوقف عن الكتابة إليّ": ماذا يقول الكتّاب لأمهاتهم؟

16 مايو 2023
"عائلتي" لفريدا كالو، ألوان زيتية على كرتون مقوّى، 1949
+ الخط -

عادةً ما يتعامل الكتّابُ والفنانون بتحفّظٍ مع بعض الأمور الحميميّة الموجودة في أعمالهم الإبداعية. إلّا أنَّ الأمر يختلف عندما يتعلّق الموضوع برسالة يكتبوها إلى شخصٍ قريب، إلى الحبيب أو الحبيبة، إلى صديقٍ، أو إلى الأم. الرسالة هنا يمكن أن تكون اعترافاً، مونولوغاً أو إعلاناً عن حالةٍ شعورية معيّنة، أو ربما تكون مجرّد سرد عالٍ من نوعٍ خاص، يشاركونه مع أولئك الأشخاص الجديرين بأسرارهم وأحوالهم الأكثر عمقاً وحميمية.

"أمّي العزيزة والرائعة للغاية: أنا مليئة بالحُبّ والفرح لدرجة أنني بالكاد أستطيع التوقّف لدقيقة واحدة عن الرّقص، عن كتابة الشعر، عن الطبخ وعن الحياة. أنام ثماني ساعات في الليل، وأستيقظُ بسعادةٍ مع الشمس التي تشرق. من تحت نافذتي، الآن، أرى بستاننا الذي نَمْت فيه شجرةُ كرز مليئة بالزهور الوردية. أعتقدُ أنني كتبتُ أفضل سبع قصائد لي، إضافة إلى بعض التلعثمات الطفولية الأخرى. كل يوم أتعلّم أن أستخدم كلماتٍ جديدة، وطريقتي في استخدامها أكثر ثملاً من ديلان توماس، وأكثر صرامة من هوبكنز. دائماً يقرأني تيد بصوته القويّ. إنّه أفضل ناقد لي، وأنا أفضل ناقدة له".

هذا مضمون رسالة واحدة فقط من الرسائل والبطاقات البريدية الكثيرة التي كتبَها العديد من الكتّاب والفنانين والشعراء العالميين لأمهاتهم، والتي جُمعت مؤخراً وصدرت في كتاب "لا تتوقف عن الكتابة لي. رسائل إلى الأم"، عن دار نشر "الكيمياء" في العاصمة التشيلية، سانتياغو دي تشيلي. يعود تاريخ هذه الرسالة إلى 29 نيسان/ أبريل من عام 1956، ومن جلسَ خلف الآلة الكاتبة كي يرقنها هي الكاتبة الأميركية سيلفيا بلاث (1932 - 1963). أرادت أن تخاطب أمّها، أوريليا شوبر، وأن تحدّثها عن سنوات الزواج الأولى من الكاتب والشاعر البريطاني تيد هيوز (1930 - 1988).

يجمع الكتاب رسائل العديد من الكتّاب العالمين، بدءاً من صاحبة نوبل التشيلية غابرييلا ميسترال، ومروراً بالشاعر الفرنسي شارل بودلير، والنمساوي ريلكه، والتشيلي فيسينتي هويدوبرو، والفنانة المكسيكية فريدا كالو، والفيلسوف الألماني تيودور أدورنو، والشاعرة الأرجنتينية أليخاندرا بيزارنيك، وانتهاءً بالأميركية سيلفيا بلاث والفرنسي جان كوكتو والعديد غيرهم.

غلاف الكتاب

رسائل مليئة بالحب والحنان والتواطؤ، رسائل لطلب الاعتذار، وأخرى لتوضيح سوء فهم. غير أن الرابط الذي يجمع بينها هو أنها تتدفق فيها الكتابة الحميمية والكامنة التي تعبّر عن تلك الرابطة الفريدة التي تجمع الكائن الإنساني بأمه.
 
"أمس، ما إن وصلت حتى كتبتُ لكِ رسالة قصيرة كان من المفترض أن تصلك سريعاً. ولكن في هذه سأخبركِ عن تفاصيل الرحلة. تأخّرَ القطار لمدة سبع ساعات ونصف، لذلك اضطررنا إلى البقاء في غوادالاخارا لفترة طويلة، وتمكّنتُ من رؤية المدينة بأكملها والمتحف والكنائس وكل ما هو مهم. أكلنا هناك وفي الساعة السادسة والنصف غادرنا إلى نوجاليس"، تخاطب الفنانة المكسيكية فريدا كالو والدتها. 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون