لا آلف الأماكن، إلّا إذا كانت تحتوي على أشجار معمّرة: هذه تعطيني بعض الثقة بالعالم.
لكن في مسرح السكن والشارع، يواصل الناس مرافقتنا، فلا نترك فيهم أثراً، وبدورهم، لا يتركون أثراً.
الطيور، أيضاً، لا المباني، تمنحني شيئاً من الثقة.
باختصار؟
كلُّ ما هو مشهد طبيعي، دون تدخُّل من اليد البشرية العمياء.
ولقد أخبرني الأفق الليلي، غاصاً بالنجوم، أيضاً، أنّه لحسن الحظ، حصل توقُّفي هذا عن مخالطة الناس، والانحياز في الأخير إلى السكن بمجاورة غابة.
لقد تعلَّمت الدور الذي كان ينبغي عليَّ تعلُّمه منذ الولادة: العيش في الطبيعة، التي هي ليست لي ولا للبشرية، فأنا وهذه مجرّد جزء صغير منها فقط.
ومن يوم الإثنين حتى هذا الوقت: يوم الأربعاء، أنذا أقدم امتناناً لا متناهياً، بشكل لا يُصدَّق، للتراب والعشب والشجر والطيور والماء والثلج والحشرات، وكلّ ما تمور به الغابة.
ولربما، في نوبة الحماس الغنائية هذه، قد لا أتوقّف لمدّة عشرة أيام، وبعد مرورها، يكون علي أن أتوقّف.
والاستثناء الوحيد هنا، مع محبّة الأماكن، لذاتها ولناسها ولموجوداتها (من حجر وشجر وطير، وسياق سياسي)، لا يمكن أن يأتي إليّ، إلا من مدن ثلاث: خانيونس، القدس، برشلونة.
سوى هذه المدن، محض تلفيقات وخيالات.
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا