كلُّ شيء هش

28 يونيو 2024
"هشاشة الأشياء" لـ أورتيغا دوميان/ المكسيك
+ الخط -
اظهر الملخص
- حب جيل الشاعر كان يتغذى على الكليشيهات الرومانسية، معيقًا بالفقر المدقع، وكان دائمًا يهرب من مبادرات الطرف الآخر رغم تحسن حالته المادية، ما يدل على تأثير السنوات الأولى العميق في الروح والسلوك.
- يصف الشاعر كيف تحوم أطياف النساء من مختلف القارات والديانات في لياليه، مستحضرات كأشباح تجوب في ضوء القمر وعتمة غرفته، مما يعكس تأثيرهن الدائم في حياته.
- يعبر عن إخفاقاته الرومانسية بابتسامة مؤسية، متمنيًا لو تمكن من العودة بالزمن والزواج من إحداهن، لكنه يجد العزاء في أن قصص الحب، مهما كانت قوية، لا تستطيع تجاوز الموت، مؤكدًا على هشاشة كل شيء وفنائه.

زمان كان حُبّ جيلي يتغذّى على كليشيهات الرومانس، ويمنعه الفقر المدقع من أيّة مبادرة نحو الطرف الآخر. وفي حالتي، كان الطرف الآخر هو من يبادر ويرسل الإشارات، والعجيب أنّ هذا الأمر استمرّ معي طوال الحياة، وكنتُ كلّما بادرَت واحدة، أهرب مثل أي جبان، مع أنّ حالي المادي تحسّن نسبياً، ولكنّ السنوات الأُولى من العشق تظلّ دامغة في الروح والسلوك، ويظلّ الواحد أسيراً لها للأبد.

أخيراً ها هي أطيافهنّ، تحوم في لياليّ، في أحلك لياليّ. بناتٌ من أربع قارّات وثلاث ديانات ومن الصين كذلك. وجوه بريئة تهوّم وتنتعش في شكل روحي، بفضل مجموعة من الأشباح الإناث من جهات الكون الأربع.

أجل: منذ ذلك الحين، وعلى فترات متباعدة، يرحن يتجوّلن في ضوء القمر وعتمة الغرفة، كوجود بلون أبيض بخاري، مستحضِرات مكانتهنّ كأشباح عبرت ومضت مثل الحلم.

ولا يخلو الأمر، بعد سنوات عديدة، عندما أسجّل إخفاقاتي الرومانسية، من الابتسام المُؤسي، كما يليق بمن عاش وعرف، أحنّ إلى بعضهنّ طبعاً، وأتمنّى لو عاد بي الزمن، فتزوجت هذه أو تلك. لكن ما يعزّيني، في عمرٍ بلا عزاءات، أنّ قصص الحُبّ مهما بلغت من أوج، لن تكون قوية لدرجة أن تتمكّن من تجاوُز الموت.

كلُّ شيء هشٌّ وفانٍ، ولا أحد مهما كان أقوى من الموت، حتى الجبل.


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

موقف
التحديثات الحية
المساهمون