كاتب من العالم: مع رودولفو هاسلر

09 فبراير 2023
رودولفو هاسلِر
+ الخط -

تقف هذه الزاوية، مع كاتب من العالم في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع القارئ العربي. "في لغتي ثمانية آلاف كلمة ومرادف من أصل عربي"، يقول الشاعر الكوبي المقيم في برشلونة لـ"العربي الجديد".



■ كيف تقدّم المشهد الأدبي والثقافي في بلدك لقارئ لا يعرفه؟

- رغم أنني ولدتُ في كوبا، فإن السياق الأدبي الذي أعرفه جيّدًا هو الإسباني، لأنه البلد الذي أعيش فيه منذ طفولتي. أستطيع أن أقول إنه منذ ثمانينيات القرن الماضي حدث تطوّر كبير في الشعر، وفي كثير من الحالات كان هناك شعراء ذوو ذائقة واهتمام كبيرين، قاموا بتجديد وتحديث الشعر الإسباني، وخاصة الشعر الذي كتبته النساء الشاعرات.


■ كيف تقدّم عملك لقارئ جديد، وبأي كتاب لك تنصحه أن يبدأ؟

- بدأت كتابة الشعر في أواخر سنوات مراهقتي، لم أكتب الشعر في وقت مبكّر بسبب ظروفي الشخصية: فقد وُلدت في كوبا ووصلتُ إلى برشلونة وأنا ابن الحادية عشرة من عمري، أبي سويسري وأمي كوبية، لذا كان على كلّ هذه الصهارة القوية والمختلفة والثرية أن تنتظر حتى تنضج وتعبّر عن نفسها. أنصح القارئ الذي لم يقرأ أعمالي من قبل أن يبدأ ربما بكتابي الأول، وبعدها من الإصدار الخامس إلى عملي الأخير.


■ ما السؤال الذي يشغلك هذه الأيام؟

- في هذه الأيام أنا بصدد الانتهاء من تدقيق ديوان شعري جديد، بدأتُ كتابته بعد دعوة إلى مهرجان "أصوات حيّة" في رام الله سنة 2016. عنونت الديوان "صابون نابلسي" وهو مولود من التأثير البصري والعاطفي والجمالي الذي مررتُ به خلال تلك الإقامة.

في لغتي ثمانية آلاف كلمة ومرادف من أصل عربي

■ ما أكثر ما تحبّه في الثقافة التي تنتمي إليها وما هو أكثر ما تتمنى تغييره فيها؟

- الثقافة التي أشعر بأنني مرتبط بها أكثر - رغم أنه ليس ارتباطاً حصرياً - هي الشعر الثريّ والمتنوّع المكتوب باللغة الإسبانية، والتي نظراً لعدد المتحدّثين بها وعدد البلدان التي تتحدّث الإسبانية، فهي غنيّة للغاية ومتنوّعة ومنفتحة. إنها كنز حقيقي. أظن أن المرغوب فيه هو أن يكون هناك مزيد من التواصل بين جميع البلدان الناطقة بالإسبانية. 


■ لو قيض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟

- أعتقد أنه ليس من الضروري تغيير أي شيء، سواء من الأشياء السلبية التي مررتُ بها أو من الأشياء الإيجابية. أنا الشاعر الذي أنا عليه الآن بفضل كلّ التجارب والظروف التي عشتُها.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- أعتقد دون أن أخاف الوقوع في الخطأ أن العالم في هذه اللحظة الحالكة التي يمرّ بها يحتاج إلى تغيير إطارٍ، وإعادة التفكير في ما وصلنا إليه، ومواصلة طريق التطوّر الروحي ونبذِ قيم المتاجرة الرأسمالية. 

لسان الذئب - القسم الثقافي
غلاف مجموعة "لسان الذئب"

■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟ 

- وددتُ لو أقابل بعض الشعراء الذين أقرأهم بإعجابٍ وجلّهم من أميركا اللاتينية.


■ ما هو، في اعتقادك، أكبر خطر على حرية الكاتب والكتابة في العالم اليوم؟

- بالنسبة لي فإن التحدّي الأكبر الذي يتعيّن على الكاتب مواجهته اليوم هو أن يكون وفيًّا لذاته، وأن يتّبع صوته الداخلي، وألّا ينجرف وراء الجماليات المهيمنة. إنها الطريقة الوحيدة لكتابة عمل شخصي.


■ ما هي قضيتك وهل يمكن أن تكون الكتابة قضية بذاتها؟

- عندما أكتب فكلّ ما أفعله هو التعمّق في معرفة مساري الشخصي. وإذا وَجد القارئ المحتمل إجابة عن أسئلته هناك، فهذا مدعاة للفرح.

"صابون نابلسي" عنوان ديواني الجديد بتأثير زيارة فلسطين

■ الأدب العالمي يكتبه المترجمون، إلى أي درجة توافق على هذه المقولة وإلى أي درجة كتبك المترجمون؟

- الدور الذي قام ولا يزال يقوم به المترجمون أساسي لمعرفة ما يُكتب في أماكن لا يُمكننا بطريقة أُخرى أن نعرفه. في الوقت الراهن، في عالم لم تعدْ لحدود المعرفة أي معنى، أصبح المترجِم شخصية لا غنىً عنها وشخصية بالغة الأهمية، ولسوء الحظ في كثير من الأحيان لا تحظى بالتقدير اللازم.


■ كيف تصف علاقتك مع اللغة التي تكتب بها؟

- يجب أن أعترف بأنني أكتب من خلال إدراكي لثقل اللغة. عندما وصلت إلى إسبانيا وأنا ابن العاشرة من عمري كانت للغتي الإسبانية الكوبية تعبيرات أُخرى، نبرة أُخرى وأسلوب موسيقي آخر، والتباين الحاصل جعلني أتعمّق في تلك المنطقة التي جعلتني أُدرك، بشكل حدسي ساعتها، أن اللغة هي وسيلة فريدة للتواصل. وأنا أحاول أن أجد فيها المعاني.


■ كاتب منسي من لغتك تودّ أن يقرأه العالم؟ 

- أودّ أن أذكر ثلاثة شعراء كوبيين، في رأيي يجب أن تُقرأ أعمالهم في أماكن أُخرى من العالم وهم الشاعر لورينثو غارسيا بيغا Lorenzo García Vega، والشاعر آنخيل إسكوبار Angel Escobar، والشاعرة كاريلدا أوليبير لابرا Carilda Oliver Labra.


■ لو بقي إنتاجك بعد 1000 سنة، كيف تحب أن تكون صورتك عند قرّائك؟

- صورة شاعر بحث في أماكن تبدو بعيدة عن نقطة الالتقاء التي تسمح لنا جميعًا بالتواصل.


■ كلمة صغيرة شخصية لقارئ عربي يقرأ أعمالك اليوم؟

- أقول للقرّاء العرب شيئين اثنين: أولًا إنني أكتب باللغة الإسبانية وهي لغة بها ثمانية آلاف كلمة ومرادف من أصل عربي، وثانيًا أقول لهم إن قراءة شعر من فضاءات ثقافية أُخرى يزيد الحساسية والمعرفة، وهذا ما يسمح لنا بكسر الحواجز وبأن نكون أكثر تسامحًا.



بطاقة

Rodolfo Häsler شاعر كوبي ولد في مدينة سانتياغو دي كوبا عام 1958، من أب سويسري وأم كوبية. انتقل مع عائلته للعيش في برشلونة وعمره عشر سنوات، قبل أن يتّجه إلى دراسة الأدب في "جامعة لوزان" بسويسرا. له دواوين عديدة، منها: "قصائد الرمل" (1982)، "جمال التفكير الأصيل" (1997)، و"لسان الذئب" (2019). كذلك ترجم أشعار الفيلسوف الألماني نوفاليس، إلى جانب قصصٍ قصيرة للكاتب التشيكي فرانز كافكا.

أصدقاء لغتنا
التحديثات الحية
المساهمون