قلتِ لي: حتى النهاية

08 أكتوبر 2023
أميرخان أوغوز
+ الخط -

حصاة

أتقولين إنه أثرٌ من حياتنا؟

فكِّري في حصاةٍ 
في قاعِ نهرٍ بعيدٍ جَفَّ
ستتبلّل مع أوّل رذاذ المطر
وتعود إلى الماء

أتقولين إنه نغمة من أُغنية شعبنا؟

أنْصِتي إلى الهواء الآن
ستسمعين الناس 
وهم يمشون عبر ضباب رقيق
والشمس تشرق شيئًا فشيئًا
على حيٍّ عشوائيٍّ موحِلٍ في المدينة

أتقولين إنه كلام من قِصّتنا؟

ماذا يعني إذا أجبتُ بـ "لا"
شيء كالحُبّ والعِناد
الشتاء محكومٌ عليه بالربيع
ستتساقط ثلوج كثيفة
بينما تنمُو زُهور الثلج
سرًِّا تحت البياض.


■ ■ ■


ما كَتَبْتِهِ وتلاشى على الورق

هذه هي الكلمات التي كتبتِها ثم تركتِها لتتلاشى على الورق،
لكنّني احتفظتُ بها في بالي:

المساء في أشجار سَرْوِ ذاكرتنا
يُحلِّق دائمًا في هذا الوقت
كمينيرفا لا سماءَ لها.

تقترحين وَقْفَ الحرب من طرفٍ واحدٍ:
كأنّ لا أحد تأوّه للجبال
كأنّ الهاوية ليست كتابة مسمارية لسِجلّات الموت.

غير أنني أرشُّ المِلح على أبراج مُدُني الجريحة
في مياهٍ لا تعرفينها

والختم الذي جمعتُه
ملطّخٌ بدمٍ غامضٍ
هكذا يرونني.

قلتِ لي: لا تتصرَّفْ هكذا
ذلك النهر الذي وهَبَنا مياهَهُ العَذْبَة
مغلقٌ على أبواب الجحيم في قلبينا
وأنتِ أدرى به:

ها أنا وصلتُ إلى أحد طَرَفي شريانٍ مقطوعٍ:
عندما وجدتْني الدوّامةُ، كنتُ أنا الذي يتدفّق إلى نفسي
وأنا الذي يكوّي جرحَه.

أُمور جميلة تتذكّرينها دائمًا 
حيث أُعِدَّت خيول متهالكةٌ عليها فرسانٌ متهالكون
إلى رحلة مجهولة بلا أدنى شك:

ارتديتُ ذلك القميص القديم
هذا صحيح
أما هي فكانت ذكرى تلك الليالي الطويلة بين لهب التبغ والرّماد.

هناك مكان تذكره حيث ينتهي فيه "ممر الخلايا":
عندما ضربوا جبهتَكَ بالحائط
تسرّب الفراغُ إلى الأنقاض:

في إحدى محطّات السُّهوب
كانت فتاةٌ تنظر إلى آفاق بعيدة
والمساء على وشك السقوط
على خصلة شعرها التي تمتدّ إلى خدّها الأيمن

من المستحيل أن ننسى
حُمرةَ الشَّفقِ اللطيفةِ تلك.

قلتِ لي: حتى النهاية:

طالما بقيت الكلمةُ علامةً للألم
سيظلّ ماضينا أخرس لأمسنا
سوف يغطيها بطوفان من الرمال:

ها هي الصفحات الصفراء تُصبِحُ ملجأ الكلمات
إذ ليس ثمة وطن ولا أرضٌ غريبة للكتابة.


* ترجمة عن التركية: محمد حقي صوتشين

غلافا مجموعتَي "أسطورة سارقي النار" و"معبر ميندوس"
غلافا مجموعتَي "أسطورة سارقي النار" و"معبر ميندوس"


بطاقة

Emirhan Oğuz شاعر تركي بارز من مواليد إسطنبول عام 1958. تخرج من مدرسة غلطة سراي الثانوية، واعتقل  لنشاطه السياسي أثناء دراسته في كلية الهندسة المعمارية أوائل الثمانينيات، وظلّ رهن الاعتقال حتى عام 1986، ثم أطلق سراحه بعد الحكم بالسجن المؤبد الذي أصدرته المحكمة العسكرية الانقلابية، وأبطلته المحكمة العليا عند الاستئناف.

من أعماله الشعرية: "أسطورة سارقي النار" (ديوانه البارز الذي استغرق في كتابته عشرين سنة)، و"معبر ميندوس". حصل على العديد من الجوائز المهمة للشعر في تركيا، ويمكن وصف نزعته الشعرية بالواقعية الاجتماعية المتكئة على أسلوب فني رفيع، يتناول المشكلات السياسية التي تواجهها تركيا والعالم.

نصوص
التحديثات الحية

 

المساهمون