يعدُّ البعض فيدريكو كورينتي (1940 – 2020)، معلّم اللغة العربية الأول للإسبان؛ الأداة التي تُمكّنهم من التعرّف إلى مكوّن أساسي من هويتهم وتاريخهم، وهو أمر طبيعي، خاصّةً إذا علمنا أنّه من أبناء غرناطة، عاصمة بني نصر، وهو من الذين قادهم إحساسهم بانتمائهم إلى هذا الإرث الكبير في مدينته إلى التخصُّص في الدراسات العربية.
اختار كورينتي أن يكون جسراً يربط بين راهن إسبانيا وتاريخها العربي الإسلامي، وهذا ما مثّله من خلال حياة ثقافية ومهنية كرسها في تشييد هذا الجسر عبر الكثير من الدراسات والترجمات والكتب المتعلقة باللغة العربية وآدابها وثقافتها وتاريخها، وربما أهمها المعجم الذي وضعه والذي ساهم بشكل كبير قي نقل الدراسات العربية في الجامعات الإسبانية إلى مرحلة جديدة.
"تذكيراً بالمعلم"، هو عنوان الجلسة الحوارية التي يستضيفها "البيت العربي" في مقره بقرطبة، في السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، حيث يجتمع عددٌ من الأساتذة والباحثين والمختصين في الدراسات العربية لمناقشة الأثر الذي تركه المعلّم كورينتي في حقل الدراسات العربية والإسبانية.
تتناول الجلسة ثلاثة محاور كان المعلم الإسباني قد اشتغل عليها. المحور الأول متعلّق بالدراسات الأندلسية، حيث سيشارك كلٌ من الباحثين إغناسيو فيررادو وآنخليس فيسينتي في تقديم إضاءات على بحوث قام بها كورينتي على النصوص الأندلسية وتنويعاتها اللغوية، وكيفية تطوّر بعض الكلمات وتغييرها مع الزمن، حتى صارت تشكّل جزءاً من المعجم الإسباني.
أما المحور الثاني فسيكون من أجل رصد العلاقات بين اللهجة الأندلسية والمغربية التي كانت سائدة في شبه الجزيرة الإيبيرية، حيث قدّم فيدريكو في هذا الإطار عدداً من الكتب والدراسات التي لا تزال حاضرة بموضوعاتها وأطروحاتها التي استفاد منها المختصون من بعده.
وسيكون المحور الثالث للاحتفاء بذكرى المعلّم، حيث سيتم تقديم إضاءات على إضافات كورينتي الأخرى في حقل الدراسات العربية والإسلامية المعاصرة في إسبانيا.