يُقدِّم معرض "قصّة جديدة: غوبكلي تبة وما حولها"، المُقام حالياً في قاعة "متحف بيرا" بإسطنبول، العديد من الصور الفوتوغرافية التي التقطتها المصوِّرة الإسبانية إيزابيل مونيوث للمواقع الأثرية داخل وحول منطقة غوبكلي تبة جنوبي شرق تركيا.
افتُتح المعرض، الذي ينظّمه "وقف سونا وإنان كراتش" في الخامس عشر من حزيران/ يونيو الجاري ويستمرّ حتى السابع عشر من أيلول/ سبتمبر المُقبل. تعود قصّة غوبكلي تبة Göbeklitepe، التي تُعدّ إحدى أبرز المناطق الأثرية في تركيا، إلى عام 1963، حيث عثر مُزارع تركي في مدينة شانلي أورفة على هيكل أثري أثناء حرْثه أرضه، وتبيَّن أنه يعود إلى ما قبل 12 ألف عام. وقد بدأ التنقيب عن الآثار في هذه المنطقة تحت إشراف عالم الآثار الألماني كلاوس شميت مع فريق ألماني وتركي. وفي عام 1995، عُثر على العديد من الهياكل الأُخرى، من بينها مسلّات حجرية على شكل حرف T، عليها رسوم حيوانية.
معرفة بُناة المعبد بالنجوم ألهمتها في توظيف الضوء أثناء التصوير
تباينت التفسيرات حول "غوبكلي تبة"، فبينما رأى بعض الباحثين أنّه كان مرصداً فلكياً قديماً وأنّ صُور الحيوانات فوق أحجاره هي رموز فلكية لأنماط النجوم، وصفه كثيرٌ من الباحثين بأنّه أقدم معبد بناه البشر منذ العصر الحجري الحديث، ومن بين هؤلاء، عالم الآثار الألماني كلاوس شميت، الذي قدَّم نظرية جديدة حول نشأة الحضارة بعد اكتشاف هذا المعبد؛ فقد كانت الفكرة التقليدية حول نشأة الحضارة تقول بأنّ البشر البدائيّين بعد أن تركوا الصيد وعرفوا الزراعة والاستقرار، بدأوا في بناء المعابد، إلّا أنّ شميث يرى أنّ البشر أثناء بناء المعبد احتاجوا أن يطوّروا الزراعة المستقرّة التي تُلبِّي احتياجاتهم خلال فترة وجُودهم في المعبد. وانطلاقاً من هذه النظرية، يقول: "بُني المعبد أوّلاً ثم بُنيت المدينة".
وفي المنشور الخاص بالمعرض، ذكرت المصوّرة الإسبانية المهتمّة بعلم الآثار والعمارة أنّها تعمّدت عدم وجود أشخاص أحياء في الصور التي التقطتها، لعدم رغبتها في استخدام الطُّرق التقليدية مثل إجراء مقابلات مع سكّان المنطقة أثناء تنفيذ المشروع، مفضّلةً تصوير المنطقة وما حولها في الليل، من دون اللجوء إلى استخدام الإضاءة الاصطناعية، مضيفةً أنّ معرفة بُناة المعبد بالنجوم ألهمتها في استخدام فهمهم للضوء أثناء التصوير.
كما ذكرت مونيوث أنّها حاولت الغوص في هذه الثقافة القديمة من أجل فهمها بطريقتها الخاصّة، وأنّها، أثناء تصوير الهياكل الأثرية، رأتها ككائنات حيّة، خصوصاً مع وجود رسوم حيوانية مجسَّمة على هذه الهياكل مع شخصيات بشرية تحتها. وحول فترة تجوّلها في منطقة غوبكلي تبة، تقول مونيوث إنها تذكَّرت أعمالاً لأعلام الفنّ الحديث؛ مثل بيكاسو ودالي، وخصوصاً جدارية "غرنيكا" لبيكاسو.
وتُعرف إيزابيل مونيوث بصورها لأنماط الحياة المتعدّدة والممارسات الثقافية في مناطق جغرافية مختلفة، وقد حصلت على العديد من الجوائز، من بينها جائزة "وورلد برس فوتو" لعامَي 1999 و2004، و"الجائزة الوطنية للتصوير الفوتوغرافي" عام 2016.