في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1969، احتلّ تسعة وثمانون رجلاً من السكّان الأصليّين في الولايات المتحدة جزيرة ألكتراز في خليج سان فرانسيسكو، وطالبوا بإعادة جميع الأراضي الفيدرالية (التي تعود ملكيتها للحكومة الأميركية) المهجورة أو غير الصالحة للاستخدام إلى الشعوب الأصلية، كما هو حال ألكتراز التي أصبحت خالية من السكّان بعد أن أُغلق سجنُها عام 1963.
استمرّ احتلال الجزيرة نحو سبعة عشر شهراً قبل أن يعيد الجيش الأميركي السيطرة على المكان. وكانت تلك المدّة كافية لتأجيج احتجاجات السكّان الأصليّين في مناطق مختلفة من البلاد، كما شكّلت الواقعةُ انعطافة مهمّة في تعبيرات الفنّانين المنتمين إلى القبائل الهندية، بسبب رمزية السجن الذي اعتُقل فيه معظم الناشطين من السكّان الأصليّين، بالإضافة إلى المعارضين السياسيّين، وكذلك أخطر زعماء العصابات.
حتى السادس والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، يتواصل في "متحف هيسل للفنون" بنيويورك معرض "المسرح الهندي: الأداء الأصلي والفنّ وتقرير المصير منذ عام 1969"، الذي افتتح في الرابع والعشرين من الشهر الماضي.
يضيء المعرض كيف استخدم الفنّانون السخرية كاستراتيجية للنقد الثقافي ومقاربة مقاومتهم التي استمرّت منذ "اكتشاف" أميركا نهاية القرن الخامس عشر، ووصولاً إلى "مذبحة الركبة الجريحة" عام 1890، من خلال تمثيلات الجسد، في إشارة إلى غيابه وحضوره عبر الملابس والبطّانيات والزينة.
يستند إلى وثائق عن توظيف الفنّ للتعبير عن هوية السكّان الأصليّين
يستند المنظّمون إلى مجموعة وثائق ودراسات توضّح توظيف الأغنية والرقص والموسيقى للتعبير عن هوية الهنود كجماعة، ومقاومتهم لفترة زمنية طويلة، في وقت كانت فيه المراسم التقليدية والتجمّعات العامّة للسكّان الأصليّين محظورةً في كلّ من الولايات المتّحدة وكندا. كما يشتمل المعرض على مواد أرشيفية توثّق ظهور حركة "المسرح الأصلي الجديد" في مدينة سانتا فاي المكسيكية عام 1969، بالإضافة إلى مواد مرتبطة بأُولى المطالَبات بحقّ تقرير المصير للأميركيّين الهنود.
تُعرض جميع المواد بشكل متسلسل يبدأ وثيقة نشَرها "معهد الفنون الهندية الأميركية" (IAIA) في نيومكسيكو نهاية الستّينيات تحت عنوان "المسرح الهندي: تجربة فنّية قيد التنفيذ"، ومشاهد رقمية من مسرحية "كباريه: أمسية من الأغاني المثيرة للاشمئزاز والتقزّز" التي قدّمها "مسرح سبايدر ومان" بين عامَي 1978 و1980، ضمن أعمال الفرقة التي أسّستها نساء من السكّان الأصليّين وغير الأصليّين، وركّزت على القضايا النسوية من منظور راديكالي.
كما يضمّ المعرض مسحاً لأعمال الفيديو والأداء والنحت والرسم والمشغولات التقليدية والخرز التي كرّست تراث تقاليد السكّان الأصليّين ضمن تجارب مبتكرة ومعاصرة في الفن والأداء خلال نصف قرن، ومنها عملٌ تركيبي للفنّان نيكولاس غالانين يستعيد ممارسات النحت لدى الأميركيّين الهنود، والتي كانت أداة مهمّة في التعبير عن رفضهم لاستعمار الرجل الأبيض وهيمنته الثقافية، وكذلك سلسلة من المنحوتات للفنّان إريك بول رييغ؛ وهي عبارة عن أزواج كبيرة من الأقراط، كالتي كان يستخدمها شعب النافاجو، عبر تعليقها في سقف قاعة العرض، وهي ترمز إلى علاقة الجسد بالطبيعة في المعتقدات الهندية القديمة.
وتُقدّم الفنّانة ريبيكا بيلمور عرضاً أدائياً بعنوان "قوّة العمل" أمام عمل مصنوع من معاطف العمّال كمواد خام، يشكّك في الدوافع الاستعمارية وراء استغلال العمّال، عبر استعراض تاريخ احتجاجاتهم في الولايات المتّحدة. ويعقد المعرض محادثات مع الفنّانين المشاركين حول الفن المفاهيمي الذي تبنّى قضايا الأميركيّين الهنود وتشابكها مع الحركات العمّالية والنسوية والمناهضة للتمييز، بتنظيم من "مركز دراسات السكّان الأصليّين".
يجمع المعرض أعمال فنّانين من أعراق مختلفة انحازوا لحقوق الشعوب الأصلية؛ من بينهم: ثيو جان كوثاند، وروث كوثاند، وروزالي فافيل، وجينين فراي نجوتلي، وماريا هوبفيلد، إلى جانب فنّانين من السكّان الأصليّين؛ مثل: كانوبا هانسكا لوغ، ونتالي بول، وريك بارتو، ودانا كلاكستون، وبيو ديك، ودميان دينيازي، وإيشي غلينسكي، ورافن هافمون وماثيو كيرك، وجيمس لونا، وكينت مونكمان، وجاكسون بوليز.