ما فعلته بي سلطة أوسلو (دون الاضطرار إلى الحديث، الآن، عن المعاناة من المضايقات مِن اليمين التقليدي الوطني "فتح")، هو إشاعة الفتور الوطني في نفسي.
صرتُ أرى ما لا يُرى، ولا أصدِّق إلّا خيبتي بمآل ما كان من تضحيات.
ثُمَّ، في مرحلة لاحقة، مع مزيج يمزج بين المبالغة في الكليشيهات الوطنية، والمبالغة في تتفيهها، انكمشتُ على نفسي، واعتزلت.
فلمّا جاء اليمين الديني، وحكم قطاعَ غزّة بقوة السيف، قرّرتُ، بعد لأْيٍ، الخروج إلى المنفى.
واليوم، إذ أدخل عامي الحادي والستّين، لديَّ يقين كامل:
ما مضى لن يعود. ولن أعود لوطني، ولا حتى على سبيل جثّة.
فلأظل بعيداً عمّا جرى له ولي، شاطباً ما بعد أوسلو 1993، كي يظلَّ هو عندي، ذاك الضوء الهادي، في ظلمات طُرُق المنفى، وهذا الألم الخالد الذي لا يتبخَّر ولا يخفت ولا يموت.
ليقيني أنَّ ابتعادي عنه، وبغضّ النظر عن تأويلاته مِن قبل الآخرين، سيمنحُني مساحةً كافية لمحاولة الكتابة عنه، بنوعٍ من الصفاء، غير المتاح هناك، فيما لو بقيت.
سأكتبُ، في منفاي، بالتجربة التي عشتُها معه، في الماضي، ويمكنني ـ ربّما ـ القيام بذلك عن طريق اختيار الماضي لبناء طريق المستقبل.
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا