لطالما كانت مدينة الجزائر موضوعاً أثيراً في الفنّ التشكيلي، منذ زمن الرحلات الاستشراقية، ومروراً بالفترة الاستعمارية، ووصولاً إلى اليوم؛ إذْ كثيراً ما استلهم فنّانون جزائريون وأجانب في أعمالهم جماليات هذه المدينة التي تتربّع على هضبةٍ وتضع قدمَيها في البحر، وعمرانها بطابعه المحليّ والأندلسي والأوروبي.
هذه الخصوصية الجغرافية والمعمارية يُضيء عليها الفنّان التشكيلي الجزائري فريد بن ياع (1953) في معرضه "خليج مدينة الجزائر"، والذي افتُتح الخميس الماضي في "قصر الثقافة مفدي زكريا" بـ الجزائر العاصمة ويتواصل حتّى الخامس والعشرين من تمّوز/ يوليو المُقبل.
في استعادة لمعماريّين تركوا بصماتهم على المدينة، يضمُّ المعرض مجموعةً من اللوحات التي رُسمت بالريشة والقلم، ويظهَر فيها عددٌ من أبرز المعالم العمرانية في الجزائر العاصمة، مثل "قصر الثقافة" و"مدرسة الفنون الجميلة" و"مبنى المجلس الشعبي الوطني"، إضافة إلى عددٍ من الأحياء التي تتميّز بواجهات عماراتها وشرفاتها، ومن بينها حيُّ القصبة العتيق.
على أنَّ الموضوع الرئيسيَّ الذي يطرحه فريد بن ياع في معرضه هو ما يُسمّيه مشكلة الوصول إلى البحر دون المرور على الطرق والمنشآت التي بُنيت على مقربة من البحر؛ حيث يُخصّص جانباً من المعرض لمجموعة من الصُّوَر والبيانات والتخطيطات الرسومية التي يقترحُ فيها مسلكاً للراجلين ينطلق من "رياض الفتح" في أعالي العاصمة باتجاه البحر، مروراً بمعالم مثل "دار عبد اللطيف" و"متحف الفنون الجميلة" و"حديقة التجارب".
تُمثّل هذه الأعمال خلاصة دراسة بدأها الفنّان منذ قرابة ستّ سنوات، وفيها يقترح أيضاً بناء مؤسّسات ثقافية وترفيهية وتجارية وفضاءات للفنّانين على امتداد المسلك، وأيضاً استحداث ميناء للنزهة وتوفير مراكب صغيرة تتنقّل بين أحياء خليج مدينة الجزائر.