في عام 2014، أصدر أستاذ الكتابات القديمة والباحث الفرنسي فرانسوا ديروش (1952) كتابه "مصاحف الأمويين: نظرة تاريخية في المخطوطات القرآنية المبكرة"، الذي درس فيه النسخ الأولى من القرآن التي تعود إلى القرن السابع الميلادي، مضيئاً ظروف ومراحل جمع القرآن الكريم وتدوينه ورسمه وتداوله في صدر الإسلام.
ويوضّح الكتاب أن دراسة النص القرآني في شكله المكتوب تقتضي إحصاء وتمحيص المخطوطات القرآنية القديمة التي كتبت في الفترة الممتدة من القرن السابع إلى القرن العاشر الميلادي، كما في مؤلّفاته الأخرى مثل: "قائمة المخطوطات العربية"، و"الكتاب العربي المخطوط"، "كتبة ومخطوطات في الشرق الأوسط".
عن "مركز نهوض للدراسات والبحوث"، صدرت حديثاً النسخة العربية من الكتاب بترجمة حسام صبري، وفيها يبرز دور المخطوطات في إثبات مصداقية ما ورد في النص القرآني والتراث الإسلامي عبر المرويات والنقل الشفوي.
يدرس ديروش في بحثه أساليب كتابة تلك المخطوطات، وإعجام الحروف واختلاف شكلها بحسب الأقاليم والكُتّاب. كما يستدل من المخطوطات الأولى على أنواع الحبر والورق ومختلف المواد المستعملة في النسخ، ومراحل تطور فنون الكتابة عبر الأجيال.
ويعقد المؤلف مقارَنات بين العديد من المخطوطات وما مرَّ بها من تغييرات كبيرة في حقبة زمنية وجيزة، من قبيل الأسلوب المتَّبع في إخراج الصفحة وتسطيرها وزخرفتها، وكذلك الخط المستخدَم في كتابة النص القرآني، فضلًا عن إعداد المادة التي يُكتَب النصُّ عليها من رَقٍّ أو كاغدٍ وغيرهما.
يناقش ديروش في الفصل الأول "نسخ القرآن في بواكير الحقبة الأموية كأقدم مجموعة مخطوطات قرآنية"، واحدة من أوائل المخطوطات الأموية، إن لم تكن الأولى على الإطلاق، والتي تم الاحتفاظ بمعظم أجزائها في باريس وسان بطرسبرغ، ويتناول الفصل الثاني كتابة القرآن الكريم في مخطوطة حجازية (بالخط الحجازي)، باحثاً في المصاحف الحجازية التي تسهم في فهم القواعد التاريخية لإنتاج المخطوطات القرآنية.
يوضح الفصل الثالث "تغيّر شكل المصحف" مرحلة لاحقة من تطوّر ضبط وتشكيل القرآن الكريم وإصدار المخطوطات، بينما يناقش الفصل الرابع "المنسخ الإمبراطوري" مخطوطتين كبيرتين نالتا شهرة بين المتخصصين؛ الأولى وهي مخطوطة ضخمة محفوظة في دبلن، والثانية أقل ضخامة ولكن ربما كانت معروفة بشكلٍ أفضل، وأشار إليها المؤلف باسم "المخطوطة الأموية في صنعاء"، وهي محفوظة في صنعاء.