فرانز فانون في رواية مصوّرة: تحرير الأيقونة

22 سبتمبر 2020
فانون في غرافيتي في باريس
+ الخط -

حين أشرف على نشر الأعمال الكاملة لـ فرانز فانون عام 2011، أشار المفكّر الكاميروني أشيل مبيمبي إلى مفارقة عجيبة، وهو أن شهرة صاحب كتاب "معذّبو الأرض" تكاد السبب الرئيسي في طمس فكره حيث جرى اختزاله في كتابين، وفي هوية مركّبة بين جزر المارتينيك حيث ولد، وفرنسا حيث درس، والجزائر حيث أحبّ أن يفرغ تجربته النضالية، فكرياً وسياسياً. 

بالنسبة إلى مبيمبي، فإن فانون (1925 - 1961) عاش حالة من التنميط، يسمّيها بـ "تنميط الشهداء"، عرفتها أيضاً شخصيات أخرى مثل سيمون بوليفار أو أنطونيو غرامشي أو غاندي، حيث يتحوّلون إلى أيقونات لكنهم في المقابل لا تستعاد أفكارهم بشكل متدفّق وسلس. وبخصوص فانون، يضرب مبيمبي مثلاً على ذلك أنه ليس من المعقول أن مشروع جمع أعماله ونصوصه ومحاضراته في كتاب واحد تأخّر خمسين عاماً بعد رحيله. 

يبدو أن دعوات المفكّر الكاميروني بدأت تجد صدى، في السنوات الأخيرة تعدّدت البرامج الإذاعية والتلفزية حول فانون، ولم تعد تحصره في صورة المناضل الأممي أو تشي غيفارا الفرنكفوني كما يطلق عليه بعضهم، بل بدأت هذه المواد الثقافية تقرّ بموقعه كمفكّر لعصرنا تتجاوز تنظيراته المرحلة الكولونيالية إلى تفسير إشكاليات تعيشها مجتمعاتنا اليوم ومنها العنصرية بالتأكيد.

ضمن هذا السياق من التفاعل مع فانون خارج صورته الأيقونية، يجري غداً الأربعاء الإعلان عن مشروع إنجاز رواية مصوّرة حول سيرة فانون، في "مكتبة مصر الصغيرة" في باريس. يشترك في هذا المشروع كل من الكاتب فريدريك سيرييه والرسام رومان لامي، ومن المتوقع أن يصدر العمل قبل نهاية العام عن "منشورات لا ديكوفرت"، والتي كانت قد أصدرت في 2011 الأعمال الكاملة لفانون.

يُعرف سيرييه (1971) في الدوائر الثقافية الفرنسية بتعدّد الأشكال الأدبية التي يعتمدها، فقد صدرت له أربع روايات أشهرها "ميلو" في 2014، ووضع سيناريو شريطين سينمائيين وسيناريو مسلسلين تلفزيونيين، كما كتب ثلاث مسرحيات، وهكذا فإن إصدار رواية مصوّرة هو تنويع جديد في تجربته.

المساهمون