فانسان بيرتلييه: استخدامات سياسية للأسلوب الأدبي

22 اغسطس 2022
جان دوبوفيه/ فرنسا
+ الخط -

ليست العلاقة بين السياسة والبلاغة بالظاهرة الحديثة؛ فالمُمسكون بزمام السُّلطة، والساعُون إليها أو المدافعون عنها، انتبهوا مبكّراً إلى ما يمكن للّغة أن تفعله في أنفس الجماهير. ولا يبخل التاريخ بالأمثلة على الاستخدامات السياسية للغة، منذ السفسطائيين في اليونان القديمة إلى خطباء الفترة اللاتينية في أوروبا، مروراً ببلاطات الحُكم الإسلامي.

في أبحاثه التي يضعها منذ عدّة أعوام، ينشغل الباحث الفرنسي فانسان بيرتلييه بهذه العلاقة بين الأسلوب والسياسة، لكنْ ضمن سياق معاصر، وهو يتّخذ من فرنسا مثالاً على الطبيعة التي قد تتّخذها هذه العلاقة، كما يفعل في كتابه الصادر حديثاً لدى "منشورات أمستردام" في باريس، تحت عنوان "الأسلوب الرجعيّ: من موراس إلى ويلبك".

وإذا كان ميشيل ويلبك غير مجهول تماماً في سياق الحديث عن استخدامات يمينية، أو "رجعية"، للأدب (روايته "استسلام" تتخيّل "سيطرة" عربية وإسلامية على فرنسا)، فإن اسم شارل موراس (1868 ــ 1952) ــ وإن بدا شبه مغمور اليوم ــ يبقى "العرّاب" لهذه العلاقة في فرنسا الحديثة، والعرّاب للاستخدامات اليمينية المتطرّفة للأدب، حيث قضى حياته في تأليف أعمال ومقالات عن تفوّق فرنسا، ولغتها، والعِرق الأبيض، وعن ضرورة العودة إلى صفاء لغويّ يمثّل هذا التفوّق.

غلاف

ويوضح المؤلّف كيف أن الأسلوب يحتلّ مكانة كبيرة لدى الكتّاب الذين يُصنَّفون أيديولوجياً ضمن اليمين، فهُم غالباً ما يربطون لغتهم التي يكتبون بها بأبعاد عِرقية أو تاريخية، ويسعون إلى الدفاع عن صفائها، وطبيعتها، ورقيّها ضدّ التأثيرات الخارجية، كرفض شارل موراس مثلاً للرومانسية أو لأسلوب شاعر مثل ستيفان مالارميه، يخلخل بنية اللغة الفرنسية.

ويكشف المؤلّف كيف أن أسلوب كاتبٍ مثل موراس يُعيد إنتاج نظرته القومية المنغلِقة وفكره السياسي، حيث تقوم الجملة على بنية هرمية، من الأهمّ والأرقى إلى الأدنى، كما يغيب عنها أي هامش للمفاجئات أو للحرّية الكِتابية، وهو أيضاً ما يعطي صورة عن صرامة نظرته السياسية التي تنفي كلّ مختلِف.

المساهمون