يبحث الفنان المصري عمر الفيومي (1957) عن موقع المقهى في الحياة اليومية المصرية؛ واختلافه من مرحلة إلى أُخرى، في انتباه إلى تلك الأريحية التي يترك فيها المصري نفسه في المقاهي، وتفاعله الشديد مع المكان، ما يُشير إليه بأنّ المقهى جزء من الشارع، والشارع امتداد للبيت.
في رسمه لهذا الفضاء منذ الثمانينيات، تنوّعت مقارباته بين الواقعية التسجيلية والسوريالية، حيث رسم ملائكة بأجنحة تجلس على كراسي المقهى، وكذلك أُناس يطيرون على هيئة الملاك في أنحائه، في اقتراب من الأيقونات القبطية التي تأثّر بها في تجربته.
"وجوه ومقاهٍ" عنوان معرض الفيومي الذي يُفتتح عند السادسة من مساء بعد غدٍ الأربعاء في "غاليري بيكاسو" بالقاهرة، ويتواصل حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري. يضمّ المعرض مجموعة من أعماله التي تصوّر مواقع عديدة في القاهرة القديمة.
يشير بيان المنظّمين إلى تأثّر الفنان بمعلّمه حامد ندا (1924 – 1990) الذي كان يمزج أجواء ومناخات غرائبية، وتحضر شخصيات بملامح بدائية أيضاً في لوحاته التي تصوّر الأحياء القاهرية الشعبيية في انعكاس للمرويات والحكايات الشعبية المتواترة، والتي ظلّت حاضرة بشكل أو بآخر بأعمال الفيومي، لكنّ إقامته الفنية، بعد تخرّجه، في مدينة الأقصر مثّلت انعطافة في تجربته، مع انتقاله من شوارع العاصمة المصرية الضيقة وأزقتها إلى مكان شاسع حتى حدود الأفق، وليس ثمة ما يحجب الشمس القوية والواضحة.
لا يظهر المقهى في لوحات المعرض خالياً من البشر، الذين يشكّلون العنصر الأساسي فيها، في إبراز لهيئاتهم وحركاتهم المختلفة، وكيفية تعاملهم مع المفردات المتعدّدة في المكان، وكذلك حالاتهم الانفعالية بين الحُزن والفرح والغضب وصولاً إلى الصمت.
استفاد الفنّان من تخصّصه في الجداريات سواء في طبيعة التفاصيل التي يرسمها، والمشهديات المتتالية التي تُبرز البُعد الدرامي في تصرّفات الناس وسلوكياتهم، وكذلك في تركيزه على الوجوه والأجساد في احتشادها وتجمّعها داخل الفضاء الواحد وتفاعُلهم فيه.
يُذكر أن عمر الفيومي تخرّج من كلية الفنون الجميلة في "جامعة حلوان" عام 1981، وتابع دراسته في أكاديمية الفنون الجميلة "إيليا ريبين" في ليننغراد (أصبحت سانت بيترسبرغ لاحقاً) حيث تخصص في التصوير الجداري عام 1991. أقام العديد من المعارض الشخصية في روسيا والأردن واليمن بالإضافة إلى مصر.