في ستينيات القرن الماضي، أسّس علي طالب "جماعة المُجدّدين" مع عدد من الفنانين التشكيليين من أمثال سالم الدباغ وصالح الجميعي وطالب مكي وفائق حسين، والتي شكّلت نقطة تحوّل مع تيارات أخرى في المشهد التشكيلي بالعراق على صعيد التقنيات والأسلوب، داعية إلى التخفُّف من أعباء الأيديولوجيا والمضامين الفكرية.
زاوج الفنان التشكيلي العراقي (1944) بين الرسم والطباعة والتدريس لعقود طويلة، وركّزت أعماله على ثيمات أساسية تتعلّق بمعنى الحرّية والاغتراب، وذلك بوصف الإنسان في علاقاته مع ذاته ومحيطه فاعلية تعبيرية مفتوحة على مناخات التأمُّل والتداعي والخيال.
يُفتتح عند السابعة من مساء اليوم الأحد معرض استعادي لعلي طالب في "المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة" بعمّان، والذي يتواصل حتى الثامن والعشرين من الشهر الجاري ويضمّ مختارات من تجربته الممتدّة لأكثر من نصف قرن.
وكما ابتعد الفنان في بداياته عن توظيف ميثولوجيا حضارات بلاد الرافدين مثلما ساد في تجارب العديد من فناني بلاده، فإنّه لم يسعَ إلى التعبير بشكل مباشرة عن أهوال الحروب والمآسي التي تعرّض لها العراق منذ الثمانينيات، وظلّ الجسد بمحمولاته الواقعية والتعبيرية العنصر الأساسي للوحته.
تقول الناقدة والكاتبة مي مظفّر في تقديم المعرض "تكاد أعمال علي طالب التي يضمّها معرضه الاستعادي تؤكّد امتداد خمسين عاماً من تجربة غنيّة قائمة على وحدة الموضوع. ثمّة حدث يدور في طقسٍ غامض يتوخّى السرّية والتكتّم، مؤكّدة قول الفيلسوف الإسباني أورتيغا إي غاسيت ’حياتنا حوار: أحد المتحاورين فيه هو الفرد والآخر هو المنظر والبيئة المحيطة’، ذلك هو جوهر الرؤية عنده والخاصّية التي حافظ عليها في أعماله على مدى الحقب التي احتضنت مسيرته الفنّية المتواصلة، بصرف النظر عن الأمكنة التي أقام فيها والتغيّرات التي انعكست من جرّائها على ملامح لوحته".
ويرى الفنان والناقد غسان مفاضلة أنّ طالب يعتمد في أعماله على ضبط سلسلة الحوارات والتماهيات بين سطح اللوحة كمذاق تعبيري، وبين تمثيلاتها البصرية، من خطوط وألوان وموادّ مختلفة، وكذلك على ضبط مقاييس التوازن بين الكتلة وفراغاها، كمتغيّرين متلازمين يغذّي كلٌّ منهما الآخر، ويتتبّع كشوفاته وتحويراته في إطار مجالها الحيوي".
يُذكر أنّ علي طالب حصل على درجة البكالوريوس من "أكاديمية الفنون الجميلة" في عام 1966، ودرجة الماجستير في الرسم التشكيلي من "جامعة حلوان" في القاهرة، وأقام العديد من المعارض في الأردن ولبنان والنمسا وروسيا وفرنسا، إلى جانب العراق.