علياء طلعت.. جدلية "النسوية والجسد" في سياق مصري

14 اغسطس 2023
جانب من الندوة
+ الخط -

قبل عشرين عاماً تقريباً، صدرت الترجمة العربية من كتاب "النسوية وما بعد النسوية: دراسات ومعجم نقدي"، عن "المركز القومي للترجمة"، الذي حرّرته الكاتبة الأميركية سارة غامبل، ونقله إلى العربية أحمد الشامي. وكشأن الإنتاجات الفكرية التي تخلق صدىً وتفاعُلاً بين القرّاء، بقيت فرصة العودة إلى فُصوله، وأبرز مقولاته قائمة طيلة هذه السنوات، خاصة أن الأحداث السياسية في العالم العربي بدأت تشهد تقدّماً وحضوراً قويّاً للنساء.

ضمن هذا الإطار، انعقدت مساء أول أمس السبت، حوارية "نادي كتّاب هنّ" في القاهرة، وقدّمتها الباحثة علياء طلعت التي تناولت فيها الفصل العاشر من الكتاب المذكور، ويحمل عنوان "النسوية والجسد" لفيونا كارسون، في محاولة لقراءته على ضوء التغيُّرات الاجتماعية في مصر، وفعالية النساء فيها.

انطلقت الباحثة في الحوارية التي تنظّمها "دار هنّ"، من الفلسفات والمواقف التي باتت تعتبر الجسد هو معنى وجودنا في هذا العالم، فنحن من غير الجسد غير موجودين. وهذا ما التقطته الحركات النسوية في القرن العشرين؛ فباستثناء الموجة الأولى التي دعت إلى نيل حقّ الانتخاب والتصويت، ركّزت الموجات التالية على حقّ امتلاك الجسد.

كما أنّ الفكر النسوي، حسب طلعت، قد استلهم مقولات جاك دريدا وميشال فوكو حول تفكيك ثنائية العقل والجسد. حيث لم يعد هذا الأخير أدنى منزلة من الأول، ولا شائهاً أو كريهاً، بل مكان لبدء المقاومة.

ومن المسائل التي تطرّقت لها الحوارية، كيفية نظر السينما إلى المرأة، والتحديق بأجساد النساء، من وجهة نظر المخرج/ الرجل، منذ بدايات اختراع السينما، فحتى نحن المشاهدين نتقمّص مع الذَّكَر البطل. والحال ليس أفضل لو انتقلنا إلى الفنّ التشكيلي، فمنذ بواكير عصر النهضة، أُظهِر جسد المرأة مُغرياً، وجسد الرجل بطولياً، وكلّ ذلك خلق تمييزاً بين الاثنين.

النسوية وما بعدها - القسم الثقافي

إلّا أنّ دخول المرأة إلى سوق العمل - مع وصولنا إلى القرن العشرين - حرّرها من القيود الذكورية، وعزّز قدرتها على الإنتاج، كما لفتت طلعت، وهذا ما خلق صورة معكوسة عن "المرأة المثالية"، وقلَبَ "معايير الجمال"، وإن ظلّت هذه الأخيرة صعبة وقلقة، وتظهر كعائق ضدّ تمكين النساء في عملهنّ، والهدف منها أن تبقى المرأة مأسورة بجسدها، وبـ"الموضة" التي هي عبارة عن استغلال اقتصادي ربحي في نهاية الأمر، وأحياناً يكون حجم الألم فيه كبيراً، كما الحال مع عمليات التجميل.

وختمت الباحثة عرضها للفصل، بالإشارة إلى حركة "مي تو" العالمية، والتي بدأت عام 2017، وربطتها بتجلّياتها المصرية، كحركة مناهضة للتحرّش بأجساد النساء، حيث استطاعت "تغيير" النظرة السائدة - إلى حدٍّ ما - حول هذه الظاهرة، من كونها ليست مجرّد إهانة شخصية، أو أنها تستدعي الشعور بـ"العار"، من قبل الضحية، بل شأن عام، يتطلّب مواجهة مجتمعية.
 

المساهمون