عزيزي سانتا كلوز
لو تُحضر لي أباً
عِوضَ الذي قتلتهُ الطائرة
وإن كان الأب لا يدخلُ من المدخنة
لو تحضر لي يدَ أبي
أو عيني أبي القديمتين ذاتهما
أو النظرةَ الدافئة
التي كان يتركها عليَّ
عزيزي سانتا كلوز
الطائرة قتلت ألعابي كُلَّها
لو تحضر لي حصاناً يأخذني إلى أبي
حصاناً لا يراه الجنود
ولا يثير شهوةَ القنَّاص
أو لتترك لي غزالك على السطح
كي أصعدَ،
ويأخذني من جديد إلى أبي
عزيزي سانتا كلوز
أُلحُّ قليلاً بأمنيةٍ تأخذني إلى أبي
لأنَّه لعبتي التي أحببتها
لأنَّه لعبتي الأحبّ
كان بوسعهِ أن يصيرَ دُبَّاً
وأن يكونَ غابة
أن يشدو شدو العصافير
ويزأر زئير النمور
عزيزي سانتا كلوز
لماذا لا تفكر بأن تراه؟
إنَّه معجزة
لماذا لا تفكر بالاستعانة
بيديه الحانيتين
بعينيه الدافئتين
بمعطفه الذي يشبه أن يكونَ،
مصنعَ الحلوى
عزيزي سانتا كلوز
لستُ أتخيل طريقك عبر الطائرات
لستُ أتخيل عبوركَ في القصف،
أحدّثك عن أبي
كي تراه
وقد أخرجني
من فم الموت.
عزيزي سانتا كلوز
ألحُّ عليك بأمنيةِ أن يعود لي أبٌ
وإن كان لا يدخلُ من المدخنة
لو أنَّكَ تمدَّني بيده أو دفء عينيه
لأنَّك لا تعرف وحشةَ القصفِ
لا تعرف قسوة أنَّه قُتِلَ
من غير أن يتركَ
قبلةً في راحةِ يدي
وقبلةً بين عيني
عزيزي سانتا كلوز
أنا طفل في السادسة من عمري
الطائرات قتلت ألعابي وأخذت أبي
لو أنَّك تدخلُ من باب المدرسة حيثُ نقيم
وتأتي بالبيتِ كله،
هنا تنقصنا البيوت
لا أريد منكَ أمنيةً تأخذني إلى المستقبل
أريد منكَ أمنية تعود بي إلى الماضي
عزيزي سانتا كلوز
إنْ كان شاقاً عليك أن تحضر أمنية من الماضي
لماذا لا تفكر بالاستعانة بأبي؟
أنا طفلُ في السادسة من عمري
فلسطيني، إن كان هذا يعني شيئاً
وأبي أيضاً فلسطيني
كان لنا أرضٌ فلسطينية كذلك.
عيسى بن مريم
واحدٌ من أبناء أرضي ذاتها.
هكذا سمعتهم يتحدثون حيثُ نقيم
في المدرسة،
أنا طفلٌ في السادسة
لا أعرفُ بَعد مَنْ هُو عيسى بن مريم.
أعرف أنَّ لي أباً
أخذته الطائرة.
أعرفُ أنَّ لي مُخَلِّصَاً
أفقدتني إياهُ الطائرة.
عيسىَ بن مريم
الذي يتحدثون عنه
يمكن أن يكونَ أخاً لي
يمكن أن يكون تائهاً مثلي
وقد أنكرتهُ قوةٌ ما
أجهلها
حتى إنَّه اقتيدَ في دروبٍ فلسطينية
وصُلب على أخشابٍ
قُدَّت من الأرض التي أعيش فيها.
لكنني أجهلُ معنى هذا
أسمعهُ هنا في المدرسة حيثُ نقيم
عزيزي سانتا كلوز
لماذا لا تجيء من الباب الواسعِ
وتحضر أبي كلَّه معكَ؟
أنا هنا أرتعدُ
لا من ضيق المكان؛
بل من اتساعه
من انكشافه على السماء
التي لم تعد سماءً
كما تعرفها يا سانتا كلوز
لا أعرف كيف يعبر غزالك في القصف
لو أنك ترى أبي كي يرشدكَ
كيف تصنع المعجزة
وتنجوُ من القتلِ.
عزيزي سانتا كلوز
جاءَ وقتُ النوم
لو أنَّك تمدني بيد أبي
أو
لتهدهدَ لهُ
حيثُ هو
كي ينام
لو أنَّك تذهب إليه هُوَ
تطمئنه عليَّ؛
أنا طفلُ في السادسة من عمري
فلسطيني، إن كان هذا يعني شيئاً.
* روائي من سورية