"عبق القرميد" لوائل حمادة: سماءٌ لم تلوّثها الانفجارات والحرائق والنفايات

26 اغسطس 2024
(من المعرض)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **وائل حمادة، الفنان التشكيلي اللبناني المقيم في الإمارات، يعكس في معرضه "عبق القرميد" موضوعات الهوية والتراث اللبناني، متأثراً بتنقله المستمر بين وطنه الأم وأماكن متعددة.**
- **لوحاته تمزج بين الجوانب الملموسة وغير الملموسة في المجتمع اللبناني، مع التركيز على هوية الطفولة والذكريات، مما يضفي نكهة حميمية خاصة على كل لوحة.**
- **الألوان في لوحاته تعكس تمازجاً بين التراث والواقع الراهن، مع تساؤلات حول الأزمات والحروب في لبنان، دون تقديم إجابات واضحة، بل تروي حكايات البيوت القرميدية.**

يعيش التشكيلي اللبناني وائل حمادة في الإمارات. حياته تنقُّل مستمرٌّ بين وطنه الأم وأماكن متعدّدة. وهذا التنقّل أثّر تأثيراً لافتاً على لوحاته وأسلوبه الفنّي. لهذا، تهيمن موضوعات الاستقرار والتمسّك بالأرض والتقاليد والتراث اللبناني على معظم أعماله. معرض "عبق القرميد"، الذي يحتضنه "غاليري مايا آرت سبيس" في بيروت هذا الشهر، يعكس جانباً من ذلك؛ حيث تمتزج في لوحاته موضوعات الهوية والتراث مع قضايا تلامس الحياة الراهنة.

يقدّم حمادة في لوحات مختلفة الحجم مزيجاً من الجوانب الملموسة وغير الملموسة داخل المجتمع اللبناني. يتعمّق التشكيلي في ثيمات هوية الطفولة والذكريات التي تتقدّم في العمر. تحضر في كلّ لوحة نكهةٌ حميمية خاصّة: تجربةُ الفنّان ورحلته الشخصية وتأمّلاته.

وائل حمادة
(من المعرض)

هذه النكهة الحميمية المنبعثة من التجربة الذاتية، تمتزج بعبق القرميد الذي يغطّي سطوح البيوت والمدن والقرى في لوحاته. والنتيجة رحلة فنيّة يختلط فيها العام والخاص، الجماعي والذاتي، وما بينهما من رغبة في كشف تعقيدات الحياة عن طريق التأمّل في التجربة الشخصية وفي تجارب الأشخاص الذين يتحرّكون في فضاء اللوحات.

يستقي لوحات معرضه من ذاكرة البيوت القرميدية في لبنان

يرافق هذا التمازج في العبق الذي يلامس حاسة الشم، تمازجٌ آخر في اللون يلامس حاسّة النظر: أحمر الطرابيش التي تلبسها الشخصيات التراثية والذي يمتزج مع اللون القرميدي لسطوح البيوت والقرى؛ أزرق السماء المشبعة بالأكسجين، والتي لا يخنق أبعادها وآفاقها الغبار أو الدخان المتصاعد من الانفجارات والغبار والحرائق والنفايات والمصانع وغيرها من ملوّثات الحياة الحديثة؛ رمادي الأبنية والبيوت وغيرها من الألوان التي ترسم فضاءات القرى الجميلة وشخوصها بألبستهم التقليدية، وفلّاحيها وهُم يحاولون الحفاظ على تراثهم وهويتهم وتحرير أنفسهم من التكلّف والزيف.

وائل حمادة
(من المعرض)

هذه الأجواء الفرائحية نوعاً ما، تمتزج أيضاً بموضوعات قلقة راهنة تنفتح على تفسيرات قد تكون ملتبسة المعنى، ولا سيما تلك اللوحات التي تبدو فيها الشخصيات معلّقة في الهواء تنتظر السقوط. هنا قد يسأل الزائر: هل هو انتحارٌ جماعي؟ وهذا الفرح هل انتهى بسبب الأزمات والحروب والانفجارات التي يشهدها لبنان؟ وذلك المركب الصغير الممتلئ بتعقيدات الحياة وصعوباتها هل سيصل إلى برّ الأمان؟ وهذا الفلّاح المُهاجر الذي يحمل معه حياته وذكرياته أرضه، إلى أيّ أرض يسافر ومتى سيعود؟

لا يجيب وائل حمادة ولا شخصيّاته عن هذه الأسئلة. كلّ ما يفعله هو استثمار الشخصيّات والألوان وعناصر الطبيعة من شجرة أو نهر أو غيمةٍ أو موجة كي تنفّذ مهمّات محددة: أن تروي حكاية أو بَرَكة (بلغة الفنان) كلّ بيت قرميدي في لبنان.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون