صوت جديد: مع محمد المُتيّم

25 يونيو 2022
محمد المتيّم
+ الخط -

 تقف هذه الزاوية مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "أنحاز إلى الذين ينزلون مبكّراً لأشغالهم اليومية، وفي آخر النهار يجلسون للقراءة والكتابة"، يقول الشاعر المصري لـ"العربي الجديد".



■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟

- صدقاً، لا أعرف المقصود بهذا المصطلح، مَن الذي صكَّه، وإلى ماذا يشير! هل هي كتابة جديدة بمعيار الزمن؟ نحن لا زلنا نستحضر كتابات المتنبّي والجاحظ وشكسبير. هل بطبيعة التعامل مع اللغة؟ هذا شيء بلا معيار، فـ"لكلّ شيخ طريقته"... صدقاً لا أفهم. وإذا كان لي تعريف الكتابة الجديدة كما أراها، فهي تعني تَزَحْزُح رؤيتي للأشياء والعالم سنتيمتراً واحداً للأمام، مع شروق شمس كلّ يوم جديد، وما يستتبعه هذا من كتابة تقفِز ولا تجتَرّ، كتابة صباحية تتجاوز ما كتبتُه ليلة أمس.


■ هل تشعر نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟

- لا أعتنق فكرة المجايلة، ولا أعوِّل عليها في التحليل إلّا بنسبة بسيطة جداً. فعلى اعتبار الورقة مصبّاً، ثمة روافد متعدّدة ــ تتباين ــ تصُبُّ في النَّصَ: البيئة، الجغرافياـ المصادر المعرفية، التجربة الشخصية؛ كلّ هذه الروافد تؤكّد التباين داخل الجيل الواحد. تبقَّى فقط المعيار الزمني، فوجود مجموعة كتّاب في حقبة زمنية واحدة لا يخلق لديهم نسقاً موحّداً للكتابة لمجرّد كونهم يعاصرون نفس الأحداث العامة والتغيّرات الاجتماعية، ذلك أن التناول يختلف أيضاً باختلاف الروافد السابق ذكرها. نحن في زمن يقود للفردانية على كلّ مستوى، حيث الكاتب هو جيلُه.


■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟

- لا أتنكَّر لهم، ولا أنسحق أمامهم. دعني أستعين بالمقولة التراثية: "هم رجال ونحن رجال"، لهم تجاربهم ولنا كذلك تجاربنا، نشكرهم أنْ فتحوا لنا النوافذ على عوالم المعنى وفضاءات اللغة، ومع هذا نُحاور نتاجهم، نُسائله وننتخب منه، نرفع له القبّعة ولا نسمح لتقديره أن يجعلنا نتورّط فيه. فلكلّ كاتب، في كلّ زمن، نظَّارته الخاصة.   

الشاعر هو الوحيد الذي قد يُفيد من عشوائية القراءة

■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟

- مصر بلدٌ كبير، وعدد الذين يكتبون فيه ــ بصرف النظر عن القيمة ــ يوازي عدد الكتّاب في عشر دول مجتمعة ــ فليس هناك إطار جامع نحدّد به البيئة الثقافية، لكن هناك جماعات متعدّدة لكلّ منها خصائصها ورؤيتها للعملية الثقافية، ولكلّ منها نصيبها من عِلل السياق الثقافي. أنحازُ إلى الذين يستيقظون في السابعة صباحاً، وينزلون لأشغالهم اليومية، وفي آخر النهار يجلسون للقراءة والكتابة، بعيداً عن صخب المقاهي الثقافية ودكاكين الأدب. كثيراً ما يكون الانخراط في ما يُسمَّى "البيئة الثقافية" إهانةً للثقافة، وتهديداً لشرف الكاتب، شرفه الذي يتمثَّل عندي بقيمة "الزهد" في مغانم الجوائز والمِنَح والتكريم والشهرة، فأخطر شيء على الكاتب أن يتحوّل لمتسوّل اهتمام، ولو من الجمهور نفسه!


■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟

- كنت في الثانية والعشرين تقريباً، وطُلِب منّي ديواني الأول للنشر في "دائرة الثقافة" بالشارقة. أصدقك القول، لم أكن راضياً عنه، لأنني كنت أرى فيه بشارةً بشاعرٍ سيجيء لا حقيقةَ وجود شاعر. ومع هذا، في تلك الأيام، كانت ألفٌ ومئتا دولار مكافأةً مجزية وضرورية لشاب يتقاضى راتباً شهرياً مقداره 800 جنيه، والحمد لله ظهر الديوان والمكافأة معاً، واختفيا معاً خلال شهور.


■ أين تنشر؟

- نشرت مجموعتي الشعرية "افتحي الباب يا فاطمة" حديثاً لدى دار "بتّانة". وأنشر مقالة رأي أسبوعية في زاويتي "مِن هناك" على موقع "منصّة الاستقلال الثقافية"، بالإضافة إلى مقالات وحوارات صحافية في مجلّة "الثقافة الجديدة" المصرية.


■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟

- علاقتي بالقراءة بدأت مبكّراً، في مدرستي الابتدائية، ولم تكن منهجية، وهي كذلك حتى اليوم. يجب على الشاعر أن تتنوّع مصادر قراءته: هو القارئ الوحيد الذي قد يستفيد من عشوائية القراءة. ومع هذا، فبعد التحاقي أخيراً بقسم الدراما والنقد في "أكاديمية الفنون"، أتطلّع إلى تركيز قراءاتي بشكل أكبر على المسرح والنقد الأدبي.


■ هل تقرأ بلغة أُخرى إلى جانب العربية؟

- لا... أطَّلِع على آداب اللغات الأخرى مترجمةً.


■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تُتَرَجم أعمالُك؟

- الترجمة عبارة عن مكبّر صوت، ميكروفون ينقل صوتك إلى الواقفين على الضفّة الأخرى، لكن قبل البحث عن الميكروفون، أسأل نفسي ما هي الرسالة التي أريد إيصالها للواقفين هناك؟ وهل لاقت صدىً هنا ابتداءً؟ إذا كانت المسألة في فرحة الطفل الذي يمسك مكبّر صوت فهذه خِفَّة ولهوٌ لا طائل منهما، وإذا كانت بحثاً عن شرعية مستمدّة من الواقفين على الضفّة الأخرى فهذه حماقة، وإذا كنت أعتقد بالفعل أن لديَّ ما يصلح للتداول مع أخوتي في العالم الكبير، فهنا تكون الترجمة ــ التي أتطلّع إليها ــ أنبل فعل حضاريّ على الإطلاق.


■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك القادم؟

- أعمل الآن على كتابٍ بحثيٍّ عن أحد الشعراء والفنّانين الشعبيين في صعيد مصر، هو الشيخ أحمد برين. هذا الرجل من أوائل الذين فتحوا لي نافذةَ الخيال، والمعنى المُفارِق، والكلمة الرنّانة. أتطلّع لصدور الكتاب قريباً.



بطاقة

شاعر مصري من مواليد عام 1993 في محافظة الأقصر. صدرت له مجموعتان شعريّتان: "دمعةٌ تفكّ حصارين" (2016)، و"افتحي الباب يا فاطمة" (2022)، التي فازت مخطوطتها بـ"جائزة عفيفي مطر" هذا العام. يكتب مقالة أسبوعية على موقع "منصّة الاستقلال الثقافية".

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون