صوت جديد: مع كريم مُحسن

25 مايو 2022
كريم مُحسن
+ الخط -

تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكُتّاب "الإخلاص للذات، والجُرأة للخيال واللّغة" يقول القاصُّ والكاتب المصري في حديثه إلى "العربي الجديد".



■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟
- الكتابة الجديدة هي دائماً كتابة لا تعرف ما ستقولُه أو ستكونُه بشكلٍ كامل. أدركتُ هذه الحقيقة مع الوقت: الإبهام والغموض والتشوُّش من تكوين الفِكر ومادّته مثل الوُضوح تمامًا. تفقد الكتابة قدرًا كبيرًا من حيويتها إذا خضعت لفكرة واضحة ثابتة، لا تترك مساحةً كافية للمدهش وغير المُتوقّع والغريب، لا تثق بالمجهول. على الفكرة أن تنمو وتتشعّب داخل النَّص، أن تُشيَّد من خلال عمل اللغة والتقدّم في الكتابة، لتُنتِجَ أكثر مما نتوقّعه. في هذه الحالة، تكونُ الكِتابة عمليّة خلقٍ متجدّد، وليست مجرّد انعكاس لفكرة تسيطر على ذهنك.


■ هل تشعر نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟
- سأحاول الإجابة بطريقة مُلتويةٍ قليلًا. كانت قراءة الأدب المصري المعاصر إحدى المراحل الفارقة في علاقتي بالقراءة والكتابة، تعرّفت فيها على كتابات: أحمد ناجي وهيثم الورداني وإيمان مرسال ومحمد عبد النّبي ومنصورة عز الدين وأحمد الفخراني وغيرهم، هم من أجيال مُختلفة عمريًا وكتاباتهم متنوّعة تمامًا، لكن يجمعهم عامل مشترك: الإخلاص للذات وجرأة الخيال واللّغة والفِكر. هذا ما أحاول الانتماءَ إليه وأرغبُ دائمًا أن أكون جزءًا منه.


الخضوع لفكرة ثابتة يُفقد الكتابة قدراً كبيراً من حيويتها


■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- أقرأ لهم دائمًا وأتعلّم منهم، لكن أسعى لتجاوُزهم جميعًا مع الوقت. على الكاتب أن يطمح لتجاوُز ذاته أصلًا والدخول في طور جديد وغريب عليه، حتّى يقولَ شيئًا ما في النهاية. أقرأ لمن يجعلني أتحرَّر من كتاباته ومن ذاتي، والذهاب إلى نقطة أبعد. نقطة لا أصلُ إليها بسهولة، لكن يُمكنُني تخيُّل احتمالية وجودها على الأقل.


■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- في الحياة الثقافية، أنزعجُ من نموذجين: المثقّف المتعالي المنعزل تمامًا، والمثقّف الغارق في التّفاعُل مع بيئته. هناك "منتصَفٌ" دائمًا، أُحبّ التردُّد على الندواتِ الثّقافية وعروضِ السينما والمهرجانات الفنيّة، لكن أُفضّل العزلة أيضًا.


■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- لم تصدر مجموعتي القصَصيّة الأُولى حتّى الآن: انتهيتُ من مراجعتها منذ شهرين ثمّ أرسلتها إلى الناشر وبانتظار الرّدّ. عيدُ ميلادي الرابع والعشرون بعد شهرٍ ونصف تقريبًا، أتفاءل بالأرقام الزَّوجية وأتمنّى أن يخرُج الكِتاب هذا العام.


■ أين تنشر؟
- أنشرُ نصوصي وقِصصي في مدوّنة "ختم السلطان" وموقع "الجمهورية.نت"، وموقع "مدينة"، وموقع "بورينغ بوكس" (كتب مملّة) ومجلّة "أوكسجين" وغيرها، لديّ مدونة شخصيّة أيضاً أنشر فيها من حين إلى آخر.


القراءة المبكرة أنقذت لغتي العربية من بشاعة التعليم الحكومي


■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- مخطّطة تَحملُ قدرًا من العَفويّة. أضع كلّ فترة برنامجًا للقراءة مرناً نسبيًا، يسمح بإضافة كتاب واحد على الأقل أو حذف آخر. المعرفة عمليّة بِناء تحتاج تنظيمًا مستمرًّا حتى تتكثّف في الذهن، العشوائِيّة في القراءة تجعلُ الذّهن مضطربًا مع الوقت، يتكدّس بالأفكار والمفاهيم، في فوضى لا تؤسِّس لمعنى ولا تَجمع بينها روابط متينة.


■ هل تقرأ بلغة أخرى إلى جانب العربية؟
- أُدرّب نفسي على قراءة الأدب باللّغة الإنكليزية، أقرأ مجموعةً قصصيّةً لريموند كارفر حاليًا بعدما قرأته مُترجَمًا إلى العربية أوّلاً. علاقتي باللّغات تأثّرت بِشِدّة، على نحوٍ عامّ، بسببِ بشاعة مُستوى التعليم في المدارس الحُكومية، لكنّني استطعت إنقاذ لغتي العربية مبكّرًا لأنّني أقرأ بانتظام منذ المرحلة الإعدادية. 


■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تُتَرجَم أعمالُك؟
- ترجمةُ أعمالك تأتي نتيجةً لما تقدّمه وليست غايةً تتحرّك إليها. نحن نكتبُ لجماعات محدّدة: أصدقاء على المقهى، أعداء، أموات، فصيل سياسي، حبيب نفتقده وآخر يتجاهل وجودنا... إلخ. لا نكتب ليقرأَنا العالمُ كلّه؛ هذا وهم. في هذه الحالة، إذا رأى أحدُهم أهمّية لما أقولُه ورغبَ في ترجمته، سأرحّب بِشدّة طبعًا.


■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك القادم؟
- بعد الانتهاء من مجموعتي القصَصيّة الأُولى، أُحاول كتابةَ نصوصٍ وقصصٍ لا تكتمل، أُفكّر في مشروع كتابة نوفيلّا أيضاً. لكنْ أشعرُ كأنّني أدورُ في نفس الأفكار والأساليب، أُعيد إنتاج نفسي بسأَم. أريد الذهاب إلى نقطة أبعد في علاقتي بالكِتابة، نقطة لا أعرف مكانَها الآن، لكنْ من خلال الانغماس في القراءة والتّجريب سأصلُ إليها قريباً.



بطاقة
كاتب وقاصّ من مصر، من مواليد عام 1998. شارك في مشروع "قصص القاهرة القصيرة" الذي نظّمه "معهد غوته" بالدقّي عام 2018. ينشر كتاباته في عدة مواقع مثل: مدوّنة "ختم السلطان" وموقع "الجمهورية.نت" وموقع "بورينغ بوكس" (كتب مملّة). تصدر قريباً مجموعته القصصية الأولى بعنوان "الموت ببساطة".

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون