استمع إلى الملخص
- يشعر الكاتب بالانتماء إلى ملامح أدبية عالمية ويحب التواصل مع الأجيال السابقة لفهم الأساليب الجديدة، مؤكداً على أهمية معرفة القديم والجديد.
- نشر الكاتب أعماله في دور نشر متعددة، ويعتبر الترجمة وسيلة للتواصل، ويعمل حالياً على نص جديد مع توقعات بإصدار رواية تاريخية قريباً.
تقف هذه الزاوية، من خلال أسئلة سريعة، مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب.
■ ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟
الهاجس الذي يشغلني لا يتعلّق بالحرب فقط، وإنّما كان يؤرّقني منذ أن عدتُ من الأراضي الفلسطينية المحتلّة قبل الحرب على غزّة بثلاثة أشهر. ما يحدث في غزّة غيّر من مفاهيم العدالة وحقوق الإنسان، والكثير من القناعات التي كانت في وقت من الأوقات ضمن التابوهات، حتّى أنّه يمكننا الاعتقاد أنّ العالَم "خيّر" وأنّه يمكن للدول والشعوب أن تقف في وجه شرور الوجود، لكنّ كلّ هذا أصبح خرافة. العدالة متغيّرة وليست ثابتة، كما هي نسبيةٌ وليست مطلقة. من يملك القوّة هو من يُقرّ حقوق "الإنسان" لشعب، ويبيد شعباً آخر ببساطة، لأنّه ليس ضمن الشعوب التي تستحقّ الحقوق نفسها. العالم لم يعُد آمناً أبداً.
■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟
كلُّ تجربة هي، برأيي، كتابة جديدة، بما في ذلك التجارب التي تنحو صوب الكلاسيكية. والكتابة في عمومها مغامرة غير واضحة المعالم، رغم كلّ ما قرأناه وكتبناه. أعتقد أنّنا عندما نخوض في ما يُسمّى الكتابة الجديدة، فإنّنا في الحقيقة نبحث عن طُرق أُخرى لكتابة كتابٍ بشكل مختلف، وهذا ما فعله الكتّاب في درب الكتابة الطويل.
■ هل تشعر نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟
أنا من جيلٍ بلا معالم روائية محلّية واضحة. ربما ينجح في تشكيل ملامح أكثر وضوحاً خلال العقود القليلة القادمة. وأيّاً كان الأمر، فإنّ ما يميّز الأدب أنّه عابرٌ للقارّات والحدود، ولا يعترف بالحواجز الذي وضعها الإنسان. لذلك، أجدني دائماً منتمياً، لاشعورياً على الأقل، إلى ملامح أدبية في أفريقيا، وفي أميركا الجنوبية، وفي أنحاء كثيرة من العالَم.
أنتمي إلى أفريقيا وأميركا الجنوبية وأنحاء كثيرة من العالَم
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
أظنّني أحبّ التواصل مع الأسلاف. وهذا ما ينبغي أن يفعله كلّ من يريد الانشغال بالكتابة؛ لأنّنا بحاجة إلى أعمدة نتّكئ عليها في مشروعنا السردي والثقافي؛ فمعرفةُ ما كان عليه الوضع في السابق تجعلنا نكون أكثر درايةً بالأساليب الجديدة في الوقت الراهن. فالمواكبة ليست مع الجديد فحسب، وإنّما تقتضي معرفة القديم أيضاً.
■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
أظنُّها علاقةً جيّدة، لكن تحدث القطيعة عندما يبتعد المرء عن البلد، وتفوته بعض الأشياء عن الواقع هناك.
■ كيف صدر كتابك الأوّل وكم كان عمرك؟
كتابي الأوّل، رواية "رماد الجذور"، صدر عندما كنت في الثامنة والعشرين، وهي رواية ضخمة في 650 صفحة صدرت عن "دار المصوّرات" السودانية عام 2019. لا أعرف كيف امتلكت الشجاعة لنشرها، ولا كيف واتتني الجرأة لأحذف منها 100 صفحة قبل أن تستقرّ على هذه الصفحات. برأيي، هذا ما تتطلّبه التجارب السردية: أن نشقّ طريقنا، وأن نمضي قُدُماً، وألّا نُفكّر في الخطأ والصواب.
■ أين تنشر؟
نشرتُ أربع طبعات من كتبي في دور نشر سودانية، كما نشرت كتبي الأُخرى في الجزائر وتونس ومصر والإمارات.
■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
أنا شغوفٌ بالقراءة جدّاً، ودائماً أقول إنّ عليَّ قراءة المزيد والمزيد من الكتب، حتى لا تفوتني الإصدارات والترجمات الجديدة. الأمر جنوني وغير منطقي، باعتبار أنّه في كلّ مكان وفي كلّ يوم، تُخرج المطابع تجارب أدبية وعلمية جديدة، فكيف يمكننا اللحاق بكلّ هذا السباق الجمالي العالمي؟ أمّا كيف أقرأ، فغالباً ما أقرأ ما يتوفّر لي بشكل عفوي. فبعض الكتب لا أستطيع الحصول عليها لأسباب عديدة. لكنّني لا أتطلّع إلى كتاب إلّا عندما تنتهي رحلتي مع الكتاب الذي بحوزتي، حتى لو كانت الرفوف في متناول اليد، حيث تكون أكثر إغراءً.
■ هل تقرأ بلغة أُخرى إلى جانب العربية؟
للأسف لا.
■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تُتَرَجم أعمالُك؟
الترجمة هي نوع من التواصل. وإذا نجح الكاتب في الوصول إلى القارئ الآخر، بلغته، فقد نجح في التواصل مع الآخرين الذين يختلف عنهم في لغته وتجربته وثقافته. لم أُفكّر في ترجمة عمل إلى أيّ لغةٍ إلّا عندما ترجمتُ بعض الفصول من "سيمفونية الجنوب" إلى الإنكليزية، حيث نُشرت في مجلّة "ذا كامون" الأميركية، وبما أنّني من بلد فرنكفوني، فقد رغبت بأن تكون الترجمة فرنسيةً وليست إنكليزية. ولكن ما الفرق؟ أيّ لغة هي مكسب لي، حتى لو كانت السواحلية أو الفولانية.
■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك القادم؟
أكتب نصّاً لا يشبه أيّاً من النصوص التي كتبتها سابقاً، وأستمتع بالتجربة. ربما ستصدر روايتي التاريخية التي تحدّثت عنها كثيراً خلال السنوات الأربع الأخيرة دون أن أتمكّن من إنهائها أو نشرها. لكن من يعلم ما سيحدث غداً؟
بطاقة
كاتب وصحافي تشادي من مواليد 1990 في مدينة البطحاء الغربية (تشاد). يعمل ويقيم في الإمارات. صدرت له خمس روايات: "رماد الجذور" (2019)، و"سيمفونية الجنوب" (2019)، و"مزرعة الأسلاك الشائكة" (2022)، و"قودالا" (2023)، التي حازت "جائزة توفيق بكار للرواية العربية"، و"تحت سماء واطئة" (2024). له في أدب الرحلات: "حكاية الأرض للسماء، أيام في لبنان" (2023)، و"أفريقي في فلسطين" (2024)، التي حصلت على تنويه من "جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلات" في "فرع اليوميات".