دأبت السياسات الاحتلالية الإسرائيلية على تطويق قطاع غزة، بما سمّته "غلافاً" من المستوطنات، كما عملت على تزويد هذه البؤر الاستعمارية بنُظمٍ متطوّرة من الأسوار والحصون وتقنيات المراقبة.
وبعد عام 2006، شنّت "إسرائيل" أكثر من عدوان على القطاع الفلسطيني، حيث راحت تُنشئ بعد انتهاء كلّ حرب (خاصة أعوام 2009 و2014 و2021) مناطق عسكرية محظورة أو عازلة، على طول الحدود، تمتدّ إلى عُمق المناطق السكنية والمزارع الفلسطينية، ممّا يزيد عُزلة القطاع عن بقية فلسطين.
"الحرب البيئية في غزّة: العنف الاستعماري ومساحات المقاومة الجديدة" عنوان كتاب الباحثة شوريده مولافي الصادر حديثاً عن "منشورات بلوتو"، ويتناول الإستراتيجيات الاستعمارية، على المستوى البيئي، والتي طبّقتها "إسرائيل" خلال حروبها الإبادية ضدّ غزة.
تنطلق الباحثة من عام 2014، حين تم استكمال تجريف الأراضي الفلسطينية من قبل القوات العسكرية الإسرائيلية بِرَشّ جوّي من خلال المُبيدات للأعشاب والأشجار، ممّا وسع نطاق العُنف الإسرائيلي إلى عالَم الحرب الكيميائية. ونتيجة هذا الإجراء دُمّرت مساحات كاملة من الأراضي الصالحة للزراعة في غزة، وتغيّر المشهد الطبيعي الفلسطيني الذي كان خصباً ذات يوم، فضلاً عمّا وفّره للجيش الإسرائيلي من رؤية أفضل، ومجال أوسع لإطلاق النار من مسافات بعيدة.
ينقسم الكتاب إلى سبعة فصول، وهي: "الاستعمار الجديد وإعادة تشكيل المشهد السياسي الحيوي في فلسطين"، و"العنف البطيء: الإنتاج الاستعماري الاستيطاني على "الحدود" الشرقية لغزة"، و"الإبادة البيئية واختفاء أشجار غزة"، و"رحلة: شركة بيت حانون لتصدير حمضيات غزة"، و"الحرب المتصاعدة: الرش الجوّي الإسرائيلي لمبيدات الأعشاب"، و"المقاومة الخلّاقة: مسيرة العودة وكسر الحصار"، و"العنف السريع: الجيش الإسرائيلي".
يعدّ الكتاب وثيقة حيّة بما يشمله من خرائط وصور وتحليلات أصلية تعمّق فهمنا للتقاطعات البيئية والإنسانية. كما يجمع وثائق وموادّ أرشيفية، ولقطات من طائرات بدون طيّار، وشهادات مباشرة للمزارعين الغزيّين، ويوثّق النباتات المتضرّرة في غزة باعتبارها "شهوداً صامتة" على العنف الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي.