لا تلتفت السينما الوثائقية في العالم العربي بالعادة إلى الظواهر الثقافية أو سيَر الكتّاب والفنانين، بل إن معظم ما يُنتج في هذا المجال يأخذ طابع الاستعجال في تكريم عابر لراحلين أو مثقفين مكرّسين في المهرجانات، ثم لا يعاد عرضها في مناسبات أخرى.
انطلقت عند العاشرة من صباح اليوم، الخميس، "أيام سِينِمَكْنَة للأفلام الشعريّة" في مدينة المكنين (190 كلم جنوب تونس العاصمة)، والتي تتواصل حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري، بتنظيم من وزارة الثقافة و"المركز الوطني للسينما والصورة" و"جمعية سينمكنة".
عُرض اليوم فيلم "نحن هنا" للمخرج التونسي عبد الله يحيى، الذي يصوّر منطقة شعبية من العاصمة هي جبل الجلود بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي، وما عاشته من أجواء التضامن بين سكّانها ودور بعض مغني موسيقى الراب في لحظة كانت فيها البلاد تشهد فوضى وانفلاتاً أمنياً، كما عرض فيلم "سائق الدراجة" للمخرج الإيطالي فيتوريو دي سيكا، الذي ينتمي إلى تيار الواقعية الجديدة وتمّ تصويره في موقع واحد، ومقتبس من رواية للكاتب لويغي بارتوليني.
"على خطاوي الحرف"، عنوان الفيلم الذي يعرض اليوم أيضاً للمخرج التونسي محمد صالح العرقي، الذي استغرق بحثه نحو ثماني سنوات في الشعر الشعبي في مدينة دوز بالجنوب التونسي، مضيئاً تجربة ثلاثة شعراء شعبيين، هم علي لسود المرزوقي وسالم بن عمران والعيدي بن بلغيث، والمساجلات الشعرية التي تدور بينهم.
تعقد عدّة ورش متخصّصة في كتابة السيناريو والفيلم والوثائقي
كما تعقد أربع ورش، الأولى في كتابة السيناريو يقدّمها المخرج كمال بن وناس، والثانية في التصوير الفوتوغرافي يديرها الأكاديمي محمد نجيب منصر، والثالثة في المونتاج تقدّمها الباحثة منية الشرودي، والرابعة في الفيلم الوثائقي يديرها المخرج عبد الله يحيى.
ويُعرض عند الحادية عشرة من صباح الغد، الجمعة، فيلم "بنت القمرة" للمخرجة هيبة الذوادي، الذي يتناول معاناة مرضى "أطفال القمر"، المصابين بمرض وراثي نادر يصيب قرنية العين والجلد، ويقدّم بعد غد، السبت، فيلم "همس الرمال" للمخرج الناصر خمير، الذي يروي قصة سائحة كندية من أصل عربي، في الجنوب التونسي، مستحضراً حكايات قديمة متوارثة عن الطفولة وأزمات البشر وعن الدراويش الهائمين في الصحراء بحثاً عن الحقيقة ومعنى الوجود.
وينظّم في اليوم ذاته لقاء بعنوان "الصورة الشعرية في أفلام الناصر الخمير"، حيث يعرض فيلمه "بابا عزيز " أيضاً، إلى جانب فيلم "صوف isme" للمخرج يونس بن حجرية.
يُذكر أن التظاهرة تعقد بعد افتتاح قاعة سينما بلدية المكنين بعد إغلاقها لعشرين عاماً، والتي تأسّست عام 1980 وتتسع لستمئة وخمسين مقعداً، حيث أعيد تأهليها لاستقبال الزوّار منذ العام الماضي.