في عام 1908، قدّم الفرنسي إيميل كول، فيلم "الأوهام" الذي يعتبره العديد من الدارسين أول محاولة حقيقية في صناعة الرسوم المتحرّكة في تاريخ السينما المعاصرة، بعد سلسلة عروض اعتمدت تصوير مجموعة من الرسوم، وتضمّن الفيلم حوالي 700 رسم استخدم خلالها تقنية "اللوح الزجاجي المضاء" لإظهار الرسوم بالأسود على ورق أبيض.
شكّلت الأساطير القديمة والحكايات الشعبية المادة الأساسية لمعظم أفلام التحريك، وركّز صناعها على إبراز شخصيات خرافية تنتمي إلى حضارات متعدّدة في شرق آسيا والهند ومصر واليونان وأميركا اللاتينية، قبل أن نتنقل إلى تصوير أحداث معاصرة تشتبك مع قضايا سياسية واجتماعية راهنة.
ضمن برنامج "سينماتيك المختبر" الذي تنظّمه "مؤسسة خالد شومان - دارة الفنون" في عمّان، تنطلق عند السادسة والنصف من مساء الأربعاء المقبل سلسلة عروض وجلسات نقاشية تحت عنوان "أرشفة الذاكرة وفقدانها في سينما التحريك"، والتي تتواصل حتى الأول من آذار/ مارس 2023.
تُفتتح العروض بفيلم "حكايات الحكايات" للمخرج الروسي يوري نورستين الذي قدّمه عام 1979، ويستدعي خلاله جملة من الذكريات بترتيب زمني غير منتظم، وكلّها ترتبط بمشاهدات وأحداث وقعت خلال الحرب العالمية الثاني،ة من خلال شخصيات مثل الشاعر، والفتاة الصغيرة، والجنود، والذئب الرمادي، وغيرها.
تستكشف العروض والنقاشات "التاريخ من منظور شخصي والذاكرة الإنسانية وفقدانها، بحيث تُمثّل الذكريات الشخصية مادة للتوثيق البصري تتشابك فيها عناصر خيالية، وأُخرى فنية مرتبطة بأساليب وتقنيات تحريك الصورة، ويُصبح الشريط السينمائي بمثابة أرشيف وشهادة مرئية لتلك القصص الشخصية والذكريات"، بحسب بيان المنظّمين.
يًعرض أيضاً في الثاني والعشرين من الشهر الجاري فيلم "ياله من يوم جميل!" (2012) للمخرج الأميركي دون هيرتسفيلد، ويتضمّن ثلاثة أجزاء تُعيد رواية أحداث شخصيتها الرئيسية وصراعه مع الحياة والمرض والذكريات والموت.
أما الفيلم الأخير "هذه الكعكة الرائعة" (2018) للمخرجين البلجيكية إيما دي سوايف والجنوب أفريقي مارك جيمس رويلز، فيشتمل على خمس روايات تدور أحداثها في أواخر القرن التاسع عشر في أفريقيا خلال فترة الاستعمار، عبر مجموعة من الشخصيات تمتزج فيها أبعاد واقعية وسوريالية وعبثية.
يُذكر أن "سينماتيك المختبر" هو برنامج أفلام يتضمّن عروضاً مغلقة ،وجلسات حوارية نقدية بتنسيق وإشراف مجموعة من باحثي الأفلام ومنسّقي العروض السينمائية العرب، يرتكز على أرشيف من الأفلام العربية والعالمية يتم العمل على تطويره بشكل مستمرّ ضمن جهود جماعية.