في هذا البلد ستحدث لك أشياءُ كثيرة
لكنْ ما لن يحدثَ لك:
أن تجد أصدقاءً يشبهون أصدقاءك القُدامى
أن تستفيق، صباحاً، فرِحاً بالمطر والبرد
أن تُحبّ فيتفتّح الورد ويُزهر النّرجس
في رمل دارِك
أن يأتي الندى يتقطّر من الورد
فيتَبَلَّل العشب
أن تأتي الطيور والفراشات والنَّحل
فتؤلِّف لهم لحناً جميلاً وترقصون حتى الصباح
أن ينفتح منبعُ الحب
فيخفقُ سِربٌ من العصافير من أعشاشه
فرِحاً بالربيع.
■
ما لن يحدث لك:
أن تستفيق في الصباح
وتسمع صوت الرُّعاة
يَهُشّون على غنمهم
أن يأتي دارَكَ غريبٌ فتقول له
"أقتسمُ معك خبزي و نبيذي"
أن تأتي العصافير إلى بيتك
فتُطعمها خُبزاً مَبلولاً
وتقول لها "عِدِيني بيومٍ جميل".
■
لن يقتلك البرد والثلج،
سيقتلك بيتُك القديم
يَبدَأُ الموت هكذا
تذهب إلى المقهى
تخرج لك أغنيةٌ قديمة لا تنتهي
تُدغدغ عواطفك المنكوسة كعَلَمٍ وطنيّ
تخرج كالخناجر المسنونة
فتطعنك على دفعات
تَشعُر أنّ شيئاً ما يَشُقُّ صُدرك
وبعدها يَسيلُ دمك
فيصير الثلج النّاصعُ البياض ورديّاً
تسجنك الأغنية لساعةٍ أو ساعتين
وينهَشُك كلبٌ
ولا ينتهي هذا الضجر إلا بإقفال المقهى.
■
جرّبوا طعام البلد الذي تسكنون فيه
استمعوا إلى موسيقاه
زوروا متاحفه
فستكتشفون أنكم كنتم تسكنون في مقبرة.
■
وأنا أسبح كنتُ أقول: يا بحرُ أبعدني عن هؤلاء!
* شاعر وأكاديمي مغربي مقيم في مدينة نيو أورلينز الأميركية