منذ عدّة سنوات والقضايا الراهنة التي تشغل البشرية ــ من الجائحة إلى الأزمة المناخية ووصولاً إلى "أزمة" اللاجئين وغيرها ـ تكاد تستحوذ على مجمل ما يصدر المفكّر السلوفيني سلافوي جيجيك، الذي لطالما أبدى اهتماماً بالراهن، لكن دون إيلاء هذا الأخير الأولوية على حساب أعماله التنظيرية.
ففي عام 2020 وحده أصدر صاحب كتاب "كيف نقرأ لاكان" ثلاثة أعمال شديدة الراهنية، اثنان منها حول جائحة كورونا، والثالث حول التصدّعات التي يشهدها اليسار حول العالم.
لدى منشورات "الساقي"، صدرت حديثاً النسخة العربية من كتاب سلافوي جيجيك "فلسفة الفوضى: هل ينقذ الدمار البشرية؟"، بتوقيع المترجم السوري عماد شيحة، الراحل عن عالمنا قبل أسابيع قليلة.
ويبقى جيجيك، في كتابه هذا الذي صدر بالإنكليزية العام الماضي، في احتكاك مع الراهن، حيث يتساءل إن كانت الفوضى والأزمات التي نعيشها ــ من التفاوت الاجتماعي إلى الأزمات الصحّية والمناخية والحروب، الساخنة منها والباردة ــ شيئاً يستحيل إصلاحه أو فرصةً للنهوض.
وبالتأكيد، فإن صاحب "العنف: تأمّلات في وجوهه الستّة" يميل إلى الاحتمال الثاني، مقتدياً في ذلك بمقولة ماو تسي تونغ: "ثمّة فوضى هائلة على هذه البسيطة: أي فرصة سانحة هذه!".
هكذا، يعود المفكّر السلوفيني إلى عشرات الأحداث والأزمات التي عشناها في الأشهر والأعوام القليلة الماضية ــ من احتراق الغابات وتضاؤل رقعة الأمازون إلى النووي الإيراني، مروراً بمحاكمة ترامب وتداعيات كورونا والمواجهة بين بايدن وبوتين ــ مقترحاً قراءاته الشخصية لهذه الأحداث، ومتمسّكاً بنظرته إلى الشيوعية ــ أو إلى نوعٍ "إسعافيّ" من الشيوعية والتعاضد الدولي ــ كحلّ للعديد من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي نعيشها.