ساري حنفي.. بين الشرع وعلم الاجتماع

28 ابريل 2021
محمد بوزرجي/ إيران
+ الخط -

يرى أستاذ علم الاجتماع والباحث الفلسطيني ساري حنفي في دراسة بعنوان "أسلمة وتأصیل العلوم الاجتماعیة: دراسة في بعض الإشكالیات" أن تحقيق التكامل بين العلوم الشرعية والعلوم الاجتماعية، وغيرها من العلوم، وردم الهوة ومد الجسور بين هذه العلوم هو موضوع هام للغاية إن كنا معنيين بإعادة الشرعية للعلوم الاجتماعية، لكي تؤدي دورها الرائد في حلّ المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العويصة، وخلق تصورات ورؤى جديدة تفتح آفاقًا لاجتهادات كثيرة وعميقة، تثري الدين والعلم في مختلف المجالات.

ويشير إلى أن "عملية التكامل وتوطين المعرفة لا تعني تبّني سياق نظري محلي كلي مقابل نظريات "مادية غربية"، بل تعني الاستفادة من التراث العالمي والمحلي في آن واحد، والغربلة لتشكيل إطار نظري يصلح لدراسة موضوع ما تحت البحث، موضحاً وجود مشاكل معرفية نشأت عن بعض مفاهيم أسلمة المعرفة، وهناك بذرات طيبة ولكن في أرض ما زالت مقفرة، وهي بحاجة إلى رعاية وتشذيب وتهذيب قبل أن تأتي أكلها.

يمثل الكتاب خلاصات أبحاثٍ ميدانية أجراها المؤلّف لدراسة كليات الشريعة في بعض البلدان العربية

"علوم الشرع والعلوم الاجتماعية، نحو تجاوز القطيعة: أليس الصبح بقريب" عنوان كتابه الذي صدر حديثاً عن "مركز نهوض للبحوث والدراسات"، ويستند إلى ثلاث أفكارٍ رئيسية؛ الأولى أنه لا يمكن اختزال الدين في الفقه، والثانية تقول بأن الفقه يحتاج فهماً عميقاً للأخلاق، بينما توضّح الثالثة أن تنزيل الفقه على الواقع، يحتاج إلى أدواتٍ علمية كانت تتطور، وما تزال، في بوتقة العلوم الإنسانية عامة، والعلوم الاجتماعية خاصة.

ويمثل الكتاب خلاصات أبحاثٍ ميدانية أجراها المؤلّف خلال خمس سنواتٍ لدراسة كليات الشريعة في بعض البلدان العربية في المشرق والمغرب، بالإضافة إلى ماليزيا، حيث درس مكونات هذه الكليات من حيثُ مناهجها وطرق تدريسها لعلوم الشرع وعلاقة هذه العلوم بالحقول العلمية الأخرى. 

غلاف الكتاب

ويبيّن حنفي في سياق تحليله للتعليم الشرعي ومؤسساته الكبرى حول العالم، بأن "نمطاً معيناً قد تحكّم في مصير أهمّ مراكز التعليم الشرعي في العالم الإسلامي مثل جامع الزيتونة، وجامع القرويين، والجامع الأزهر، إذ تحوّلت الجوامع الثلاثة إلى جامعات من الطراز الحديث لتدريس علوم الشريعة؛ لتفقد في الأخير استقلالها بعد سقوط كلّ منها في قبضة حكومة بلادها".

تضمّن الكتاب خمسة أبواب، هي: "الإشكاليات النظرية والسياق"، و"التعليم الشرعي في المشرق"، و"التعليم الشرعي في المغرب"، و"مناهج رائدة"، و"رؤية عامة: الواقع والقطيعة والبدائل".

ويخلص المؤلّف إلى أن المخرج من التقابلات الضديَّة بين هذه العلوم لن يكون إلَّا بالجمعِ بينها من خلال التحصيل العلمي المزدوج -حتى لو كان بحدِّه الأدنى- بين التكوين الشرعي والتكوين في العلوم الاجتماعية، لمحاولة بناء ذهنيَّة مزدوجة ذات نظرة متفتِّحة حول الدراسات الإسلامية والاجتماعية. 

يُذكر أن ساري حنفي أصدر العديد من الدراسات، منها "إنتاج المعرفة في العالم العربي: الوعد المستحيل"، و"بروز النخبة الفلسطينية المعولمة"، و"البحث العربي ومجتمع المعرفة:رؤية نقدية جديدة" (بالاشتراك مع ريفاس أرفانيتس)، و"هنا وهناك: نحو تحليل للعلاقة بين الشتات الفلسطيني والمركز".

المساهمون