ريتشارد ويكارت.. الداروينية من منظور أخلاقي

25 يوليو 2021
داروين 1809- 1882)
+ الخط -

في عام 2004، أصدر أستاذ التاريخ والباحث الأميركي ريتشارد ويكارت كتابه: "من داروين إلى هتلر: الأخلاق التطورية وعلم تحسين النسل والعنصرية في ألمانيا"، الذي يعود فيه إلى رفض داروين فكرة المعايير الأخلاقية الموضوعية، مشيراً إلى أنه "يمكن للمرء أن يمتلك قاعدة في الحياة، بقدر ما أستطيع أن أرى، هذه القاعدة هي فقط تلك الدوافع والغرائز الأقوى أو التي تبدو للمرء على أنها الفضلى".

ويرى أن الداروينية التي انتشرت في أوروبا منذ أواخر القرن التاسع عشر ركّزت على التقليل من قيمة الحياة البشرية من خلال تشديدها على النزاع من أجل البقاء، استناداً إلى أفكار عالم السكان مالتوس، حيث إن النسل يتم إنتاجه بمستويات أعلى بكثير مما يمكنه البقاء على قيد الحياة. لذلك يموت الكثير من الناس بالضرورة في الصراع من أجل البقاء.

يعقد "الملتقى القطري للمؤلفين" في الدوحة لقاء افتراضياً عند السابعة من مساء بعد غدٍ الثلاثاء يناقش خلاله الباحث جاسم سلطان مُدير "مركز الوجدان الحضاري" ريتشارد ويكارت حول كتابه، ضمن برنامج "فكر ومفكرون" الذي يبث على منصّات الملتقى الرقمية.

يرى ويكارت أن الداروينية ركّزت على التقليل من قيمة الحياة البشرية

يضيء اللقاء تأثيرات الداروينية الخطيرة والجذرية على الأخلاق. ويوضح كيف أن العديد من علماء البيولوجيا التطورية في ألمانيا وكذلك المفكرين الاجتماعيين، آمنوا أن الداروينية أطاحت بالعديد من الأخلاقيات، ومنها أخلاق التنوير، وخاصة تلك المتعلقة بقدسية حق الإنسان في الحياة، وذلك في ظل ما آمن به البعض من نسبية الأخلاق، والأدهى من ذلك أنهم اتخذوا من مبدأ (البقاء للأصلح) التطوري مرجعية أعلى للأخلاق.

ويوضّح ويكارت في كتابه أن هتلر تأثّر بشدة بالأيديولوجية الداروينية لحركة تحسين النسل، وتعكس كتاباته وخُطبه ذلك بوضوح، ففي كتابه "كفاحي" يقول إنه "لا يؤمن بأي حال من الأحوال بالمساواة بين الأجناس"، ولكنه يعترف مع اختلافاتهم بقيمتها العليا أو الدنيا، ومن خلال هذه المعرفة يشعر بأنه ملزم، وفقًا للإرادة الأبدية التي تحكم هذا الكون، بتعزيز انتصار الأفضل والأقوى، والمطالبة بإخضاع الأسوأ والأضعف.

ويلفت إلى أن الداروينية لعبت دوراً رئيسياً، ليس فقط في قيام اليوجينيا - تحسين النسل عن طريق التخلص من جينات الأعراق غير المرغوب فيها- ولكن أيضا في قيام اليوثنيجيا -القتل الرحيم-، ووأد الأطفال، والإجهاض، والإبادات العرقية، ومثلّت تلك الأمور قواعد الإيمان لدى النازيين، وعلى عكس ما يشاع من أن قواعد هتلر كانت عدمية، يثبت وايكارت أن مبادئه كانت داروينيةً تماماً.

كما يشير إلى أن جرائم الإبادة الجماعية التي نفّذها هتلر لم تكن النتيجة السلبية الوحيدة لتقليل الداروينية من قيمة الحياة البشرية، ولم تكن ألمانيا الدولة الوحيدة التي تأثرت بها، بل كانت هذه الأفكار رائجة ضمن حركة تحسين النسل في الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما.
 

المساهمون