لم يعد اسم المفكّر الألماني روديغر سافرانسكي (1945) غريباً تماماً على اللغة العربية، منذ أن صدرت ترجمة كتابه "معلّم ألماني: هايدغر وعصره" في سلسلة "ترجمان" لدى "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" عام 2018، بتوقيع عصام سليمان.
اليوم، يعود المترجم السوري بترجمة لكتاب آخَر لـ سافرانسكي، هو "الزمن: ما يفعله بنا وما نصنعه منه"، والذي صدرت نسخته العربية حديثاً عن "دار فواصل"، مقترحاً بذلك صورة عن تجربة المفكّر الألماني التي راوحت، منذ بداياتها، بين التأليف حول مفكّرين آخرين، مثل هايدغر وشوبنهاور ونيتشه وشيلر وغوته، وبين تقديم أعماله الخاصّة.
يتعامل سافرانسكي مع الزمن كما فعل في كتبه حول مُواطنيه من فلاسفة وكتّاب وشعراء، فهو يتابع هذا الموضوع الفلسفيّ منذ بداياته إلى اليوم، مقلّباً بين مختلف الأوجه التي يحضر فيها الزمن، إن كان في الحياة اليومية، أو الأدب، أو المجتمع، أو الاقتصاد، أو العمل، أو غيرها من المجالات.
يتوزّع الكتاب على عشرة فصول يتناول فيها المؤلّف مسائل مثل الزمن والملل، والزمن والبدايات، والزمن والهمّ أو الزمن والخلود، ومسائل أكثر تقنيّة مثل قضية الزمان ـ والمكان، أو الزمان الاجتماعي، وفي كلّ واحد من هذه الفصول يستعين بعدد كبير من المراجع الفكرية والأدبية، من أدورنو (معلّمه في سنوات الدراسة) ونيتشه والقديس أوغسطين إلى كافكا وماكس فرش ومارسيل بروست.
نقرأ في تقديم الناشر: "هي مقاربة تنطلق من حقيقة استحالة تجسيد الزمن موضوعياً، أي خارج أنفسنا، بل من خلال الإدراك الذي نمتلكه عبر تجاربنا الشخصية. ولذلك يُعلي سافرانسكي من شأن التجربة الزمنية ويحثنا على القبض من جديد عليها".