ينتمي الشاعر المصري محمود قُرَني (1961 - 2023)، الذي رحل صباح اليوم الأحد، إلى جيل الثمانينيات من شعراء قصيدة النثر في بلاده، والذي شهد زخماً كبيراً عبر ظهور عشرات الأسماء، وتنوّعاً في المضامين والاتجاهات الأيديولوجية والنزعات الجمالية.
وًلد الراحل في مدينة الفيوم، وتابع دراسته حتى نال درجة ليسانس في القانون من "جامعة القاهرة" عام 1985، وعمل في المحاماة لفترة وجيزة، وبدأ نشر قصائده ومقالاته بعد تخرّجه، قبل أن يعمل في عدد من الصحف المصرية.
كان قُرَني أحد أبرز المدافعين عن قصيدة النثر، شأنه في ذلك شأن العديد من مجايليه. ويبدو لافتاً أن الدفاع عن الشكل الشعري الذي تعود بداياته إلى السبعينيات لم يتوقّف لعقود عدة، ربما لأنه مثّل صراعاً أعمق داخل المؤسّسات الثقافية الرسمية وفي الأوساط النقدية بين كتّاب النثّر وبين نظرائهم من كتّاب التفعيلة.
وساهم الشاعر الراحل، مع شعراء آخرين، في تأسيس "ملتقى قصيدة النثر" في العاصمة المصرية، والذي أقيم لدورتين في عاميْ 2009 و2010، ثم توقّف، كما شارك في إنشاء "حركة شعراء قصيدة النثر - غضب" التي أعلنت عن نفسها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، في سياق التفاعلات الثقافية التي أنتجتها ثورة 25 يناير آنذاك، واتخذت العديد من المواقف السياسية المنحازة للاحتجاجات قبل أن يخفت صوتها لاحقاً.
وضمت الحركة شعراء مثل عاطف عبد العزيز، ولينا الطيبي، وغادة نبيل، وفارس خضر، ويسري عبد الله، وغادة خليفة، وأكّدت في بيانها التأسيسي على "انحيازها الجمالي والمعرفي لتيارات التجديد في الثقافة المصرية عامة وفي الشعر المصري على نحو خاص، وهو ما يمثل السبب الرئيسي لانطلاقها".
أصدر محمود قُرَني مجموعته الشعرية الأولى عام 1996 تحت عنوان "حمامات الإنشاد"، وتوالت إصداراته في مجموعات "خيول على قطيفة البيت" (1998)، و"هواء لشجرات العام" (1998)، و"طرق طيبة للحفاة" (2000)، و"الشيطان في حقل التوت" (2003)، و"أوقات مثالية لمحبة الأعداء" (2006)، و"قصائد الغرقى" (2008)، و"لعنات مشرقية" (2012)، و" تفضّل.. هنا مبغى الشعراء" (2015)، و"ترنيمة محمود قرني إلى أسماء بنت عيسى الدمشقي" (2020)، و"مسامرات في الحياة الثانية" (2023)، إلى جانب عدد من الدراسات النقدية منها "لماذا يخذل الشعر محبّيه؟".